للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاهَا: جلْدُ الأَضْحيةِ لا يجوزُ بَيْعُه، ولا جَعْلُه أُجْرةً للجزَّارِ، ولكن للمُضَحِّي أن يتصدَّقَ به، أوَ يَتَّخِدَ مِنْهُ ما ينتَفِعُ بِعَيْنهِ مِنْ خُفٍّ أو نَعْلٍ أو دَلْوٍ أو فَرْوٍ أَو يعيره من غيره ولا يؤجره.

وعن رِوَايَة "صَاحِب التقريب" قولٌ غَرِيبٌ؛: أنه يجوز أن يبيعَ الجِلْدَ ويصرف ثُلُثَه إلى ما تُصْرفُ الأُضْحيةُ إلَيه، فيجبَ التشريِكُ فيه كالانتفاعِ باللَّحْم.

وعند أَبي حَنِيفةَ يَجُوز أَنْ يَبيعَهُ، ويتصدقَ بثمنِه، وأن يشتري بعيْنِه [ما ينتفِعُ به] (١) في البيْتِ. لنا القياسُ على اللحم (٢).

والتصدقُ بالجِلْدِ لا يَكْفِي وإذا أَوْجَبْنَا التصدقَ من الأُضْحيةِ بشيْءٍ نقله الإمامُ عند "صَاحِب الحَاوِي" واسْتَحْسنهُ، وليكن القَرْنُ كالجِلْدِ.

ولا يُجزُّ صوفُ الأُضْحيةِ إن كان وقْتُ الذَّبْحِ قَرِيباً ولم يَضُرَّ إبقاؤُه أو إن كانتِ المصْلَحةُ في الابقاءِ لِلْحَاجَةِ إلى دَفْعِ الحرّ والبرْدِ به وإلاَّ فيجزّه، وحِينئَذٍ فيجوزُ أن يَنْتَفِع به، والأَحَبُّ التصدقُ.

وفي "التَّتِمَّةِ": أَنَّ صُوفَ الهدْي إذا جَزَّهُ يستصحبُه مع نَفْسه ويتصدَّقُ به على مَسَاكِينِ الحَرَمِ كالولد.

الثانيةُ: إذا ولَدَتِ الأُضْحية أو الهدْيُ المُتَطَوَّعُ بِهِمَا فهو مِلْكُه كالأُمِّ والمعيَّنةِ بالنذْرِ ابتداءً، إذا ولدت سَواءٌ كانت حَامِلاً عند التعْيِين، أو حدث الولدُ بعده يتبع الأم، ووجْهُ ذلك بأنَّ تعْيِينَها يزيلُ المِلْك؛ فتستتبعُ الولَدَ كما لَوْ أَعْتقها.

فإن ماتَتِ الأُمُّ بقي حُكْمُ الولدِ كما كان؛ كولدِ المدبرةِ، ولا يرتفعُ التدبِيرُ عنه بموتِ الأمّ، وإن عُيِّنت عما في الذِّمَّةِ -فحكم الولدِ كما ذكرنا في المعيَّنة بالنْذرِ ابتداءً.

وفي "الشَّامِلِ" لابْنِ الصَّبَّاغِ وجهٌ آخر: أنه لا يَتْبَعُها الولدُ فيكون مِلْكاٌ للمُضَحِّي والمهدِي؛ لأن مِلْكَ الفقراءِ غيرُ مُسْتقِر في هذه؛ أَلاَ تَرَى أنها لو عابت عادَتْ إلى مِلْكه. والظِاهِرُ الأولُ، وعدمُ الاستقرارِ لا يمنَعُ ثبوتَ المِلْكِ في الولَدِ بدليلِ أَنَّ الأمةَ المبيعةَ إذا ولدَتْ في يَدِ البائِعِ، يكون الولدُ للمشترِي، وعلى هذ فلو ماتَتْ يبقى الحكْمُ في الولدِ.

وفِيه وجْهٌ: أنه لاَ يَبْقَى، والخلاف مُجْرى في وَلَدِ الأمةِ المبِيعَةِ إذا ماتَتْ في يدِ البائع، وإذا لم يَطُقْ ولدُ الهدْيِ المشيَ بنفْسِه -حُمِل على الأُمِّ أو غيرها؛ ليبلغ الحرمَ، ثُمَّ إذا ذبح الولدُ والأُمُّ ففي تفرقة لحمها وجوهٌ:

أَحدُهَا: أنه يُسَلَكُ بلحْمِ كُلِّ واحدٍ منهما مَسْلَكَ الضَّحَايَا فيتصدّق مِنْ كُلِّ واحدٍ


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: اللحوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>