للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحل لغيره الوجهان، ولفظه في "الوسيط" أن هذا الواحد يحلِّل لنفسه، وهل يحلل لغيره فيه الخلاف، وأولَى بالمنع؛ لأن المحلِّل من يستحق الجميع، وهذا لا يستحق إلا البعض، وإيراد الكتاب أوفَى لما نقله الإِمام.

وقوله: "لأنه ليس يغنم جميع المال" كالتكرير والإِيضاح لما سبق، وإلا ففي قوله قبله "مع أنه إنما يغنم بقَدْر حصته دون جميع المال" ما يغني عنه، واللهُ أعْلَمُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِي: اتِّحَادُ الجِنْسِ وَتَعْيِينُهُ فَلَوْ عَيْنَ جِنْسَيْنِ كَالمِزْرَاقِ وَالرَّمْيِ فَفِيهِ وَجْهَانِ كَالإِبِلِ وَالفَرَسِ وَهَذَا بِالجَوَازِ أَوْلَى لأَنَّ الآلَةَ هَهُنَا لاَ عَمَلَ لَهَا، وَأَمَّا الاخْتِلاَفُ فِي أَنوَاعِ القِسِيِّ فَلاَ يُؤَثِّرُ لَكِنْ لَوْ عُيِّنَ لَمْ يُبَدِّلِ القَوْسِ العَرَبِيُّ بِالفَارِسيِّ؛ لأَنَّ الفَارِسِيِّ أَجْوَدَ، وَلَوْ أُبْدِلَ الفَارِسِيُّ بِالعَرَبِيِّ فَوَجْهَانِ، وَيَجُوزُ تَبْدِيلُ القَوْسِ بِمِثْلِهِ بِخِلاَفِ الفَرَسِ، وَلَوْ شُرَطَ أَلاَّ يُبْدَلَ فَفِي صِحَّةِ الشَّرْطِ وَجْهَانِ، وَإن أَفْسَدْنَا فَفِي فَسَادِ العَقْدِ وَجْهَانِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ يُسْتَغْنَى عَنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا جَازَ الإبْدَالُ إِذَا انْكَسَرَ، فَإِنْ شُرَطَ أَلاَّ يُبْدَلَ فَإِنِ انْكَسَرَ فَهَذَا يُفْسِدُ العَقْدَ، أَمَّا إِذَا أَطْلِقَ وَلَمْ يُعَيَّنِ جِنْسُ مَا فِيهِ الرَّمْيُ نَزَلَ عَلَى الأَغْلَبِ فِي العَادَةِ، فإنِ اخْتَلَفَتِ العَادَةُ فَسَدَ فِي وَجْهٍ، وَعَلَى وَجْهٍ إنْ تَطَابَقَا عَلَى شَيْء تَّمَّ وإلاَّ فَسَدَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اختلف جنس ما يُرْمَى به؛ كالسهام مع المزاريق فالجواب؛ إن جوَّزنا المناضلة عليها، ففيه وجهان كالوجهين في المسابقة على الإِبل والفرس، وهذه الصورة أولَى بالجواز؛ لأن التعويلَ في المسابقة على الفَرَسِ، وأنه يعمل ويعدو باختياره، والتعويلَ في الرمي على الرامي، ولا عمل إلا له ولا اختيار للآلة، مع هذا، فالجواب في "المهذب": المنع، وأما اختلاف أنواع القِسِيِّ في السهام، فإنه لا يضر، وذلك كالقسي العربية مع الفارسية والدورانية، وتُنسب إلى دوران، قبيلة من بني أسد، مع الهندية، وكالنبل، وهو ما يرمى عن القوس العربية مع النُّشَّاب، وهو ما يرمى عن الفارسية، ومن أنواع القسي الحسبان وهو قوس تجمع سهامه الصغار في قصبة، ويرمى بها، فيتفرق على، الناس ويعظم أثرها ونكايتها، وهذا؛ لأنا قد ذكرنا أن اختلاف نوع الإِبل والفرس لا يضرُّ فاختلافُ النوع في آلات الرمْي أولى بذلك، وعن رواية صاحبِ "التقريب" وجه: أنه لا تجوز (١) المناضلة على النبل والنُّشَّاب، وأنهما ينزلان منزلة الخيل، والبغال، وإلى هذا مال القاضي ابنُ كج.


(١) في ز: يجري.

<<  <  ج: ص:  >  >>