للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي الله عنه- وهو صحيح ثابت بلا شك، وهل الثَّلاثُ الموصولة أفْضَلُ من ركعة فردة لا شيء قبلها أم هي أفضل؟ فيه وجوه أيضاً:

أصحها -وبه قال القفال-: أن الثلاث أفضل؛ لزيادة العبادة.

والثاني: أن الركعة الفردة أفضل؛ لِمُوَاظَبَةِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الإيتَارِ (١) بِوَاحِدَةٍ، قال في "النهاية": وغلا هذا القائل فجعل الركعة الفردة أفضل من إحدى عشرة ركعة موصولة.

والثالث: الفرق بين المنفرد والإمام كما سبق.

قال الغزالي: وَمِنْ شَرْطِ الوَتْرَ أَنْ يُوتَرَ مَا قَبْلَهُ وَلاَ يَصِحُّ (ح) قَبْلَ الفَرْضِ، وَفِي صِحَّتِهِ بَعْدَ الفَرْضِ وَقَبْلَ النَّفْلِ وَجْهَانِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الوِتْرُ آخِرَ تَهَجُّدِهِ بِاللَّيْلِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الوِتْرُ هُوَ التَّهَجُّدَ.

قال الرافعي: ما سبق من المسائل في كيفية الوتر، وغرض هذا الفصل بيان وقته، وهو من حينِ يصلي العشاء إلى طلوع الفجر، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاَةٍ هِي خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، الوَتْرُ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ" (٢).

فلو أوتر قبل صلاة العشاء لم يعتد به، سواء كان عامداً أو ساهياً، بأن ظن أنه صلى العشاء، أو صلى العشاء على ظن أنه متطهر، ثم أحدث وتوضأ وأوتر، ثم بأن له أنه كان محدثاً في فرض العشاء.

وعند أبي حنيفة: لو أوتر قبل العشاء سهواً اعتد به.

لنا: القياس على ما لو ظن دخول وقت الفريضة فصلَّى، ثم تبين أنه لم يدخل، وحكي في "النهاية" عن بعض أصحابنا: أنه يعتد بالوتر قبل العشاء، سواء كان عامداً، أو ساهياً. وعند هذا القائل يدخل وقت الوتر بدخول وقت العشاء لا بفعل العشاء، وظاهر المذهب ما تقدم، ولو صَلَّى العشاء وأوتر بعدها بركعة فردة قبل أن ينتقل، ففيه وجهان حكاهما الشيخ أبو محمد وغيره.

أحدهما: لا يعتد به؛ لأن صفة الوتر أن يوتر ما تقدم عليه من السنن الواقعة بعد العشاء، فإذا لم يوجد غيره لم يكن موتراً.


(١) في "ب" الإتيان.
(٢) أخرجه أبو داود (١٤١٨)، والترمذي (٤٥٢) وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب، وضعفه البخاري وعبد الحق وصححه الحاكم (١/ ٣٠٦)، وأخرجه الدارقطني (٢/ ٣٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>