للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتمد فيه على إخراج الكعبين، فهو كالنرد، وما يُعْتَمَدُ فيه على الفِكْر، فهو كالشِّطْرَنْج.

الثانيةُ: اتِّخاذُ الحَمَام للبَيْض، والفرخ، وللأنس بهالأولحمل الكُتُب جائزٌ بلا كراهة، وأما اللعبُ بها بالتطيير والمسابقة، ففيه وجه أن حكمه كذلك؛ لأنَّ فيه تعليمَهَا، وترشِيحَها؛ لإِنهاء الأخبار، والظاهرُ أنه مكْروهٌ، كالشِّطْرنج، وهذه الفائدةُ تتعلَّق بتطييرها دون المسابقة واللعب بها، ثم لا تُردُّ الشهادة بمجرَّدة، فإن انضم إليه قِمَارٌ وما في معناه رُدَّت الشهادة، وقال مالكٌ وأبو حنيفة -رحمهما الله- تُردُّ الشهادة بمجرَّدة.

الثالثة: غِنَاءُ الإِنسان، إِما أن يُفْرَض بمجرَّد صوته، أو بِآلةٍ من آلات الغناء.

أما القسْمُ الأوَّلُ، فهو مكْروهٌ:، وسماعُه مكروهٌ، وليسا بمحرَّمَيْن، أما أنهما مكروهان؛ فلقَوْل الله تعالَى؛ {وَمِنَ النَّاسِ من يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦] قال ابنُ مسعود -رضي الله عنه-: هو الغناء (١)، وَرَوِي أنه -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الْغِنَاءُ (٢) يُنْبِتُ النِّفَاقَ في الْقَلْب، كَمَا يُنْبتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ" (٣) وأما أنهما ليسا بمحرَّمَيْن؛ فلأن عائشةَ -رضي الله عنها- قالَتْ: دَخَلَ أبو بْكر -رضي الله عنه- وَعِنْدِي جَارِيتَانِ مِنْ جَوَارِي الأنْصَارِ يُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، وَلَيْسَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أبُو بَكْر -رَضِيَ الله عَنْهُ-: أَمَزَامَيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلَكِ في يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ: "يَا أبَا بَكْرٍ، لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ، وَهَذَا عِيدُنَا (٤) " ويُرْوَى أنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- "كَانَ دَاخِلاً فِي دَارِهِ يَتَرَنَّمُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَينِ" (٥) وَعَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه-: "أَنَّ جَارِيةً


= عشر المفوضة إل الكعاب وما ضهاها فهي في حكم النرد في التحريم وقضية هذا وكلام الرافعي في تحريم اللعب بما تسميه العامة الطاب والدك فإن الاعتماد فيه على ما يخرجه القضبان الأربع وفي النفس منه شيء إذا خلا عن القمار والسخف، لكنه قد يجر إليهما. وقال في الخادم: إن الظاهر التحريم، قال ومثله الكنجفة.
(١) رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: أن عبد الله سئل عن قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ من يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}، قال: الغناء، والذي لا إله غيره، وأخرجه الحاكم وصححه البيهقي.
(٢) قال الحافظ من التلخيص: قال بعض الصوفية: إنما المراد بالغناء هنا غني المال، ورده بعض الأئمة بأن الرواية إنما هي الغناء بالمد، وأما غني المال فهو مقصور. قلت: ويدل عليه حديث ابن مسعود الموقوف فإن فيه، والذكر ينبت الإيمان في القلب، كما ينبت الماء البقل، ألا تراه جعل ذكر الله مقابلاً للغناء، لكونه ذكر الشيطان، كما قابل الإِيمان بالنفاق.
(٣) رواه أبو داود بدون التشبيه، والبيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعاً، وفيه شيخ لم يسم، ورواه الببهقي أيضاً موقوفاً، وفي الباب عن أبي هريرة رواه ابن عدي، وقال ابن طاهر: أصح الأسانيد في ذلك أنه من قول إبراهيم.
(٤) متفق عليه من طرق.
(٥) قال الحافظ في التلخيص: ذكره المبرد في الكامل في قصة، وذكره البيهقي في المعرفة عن عمر =

<<  <  ج: ص:  >  >>