للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنه يستحب الانتظار.

والثاني: أنه يكره.

والثالث: أنه لا يجوز، وتبطل الصلاة.

إذا عرفت ذلك فانظر في لفظ الكتاب. واعلم أن في لفظ "الداخل" من قوله: (وإذا أحس الإمام بداخل) ما ينبه على الشرط الأول، وهو تقييد الخلاف بانتظار من دخل المسجد، أو الموضع الذي تقام فيه الصلاة، فأما من لم يدخل بعد فلا ينتظر.

وأما الشرط الثاني وهو أن يكون قصده التقرب إلى الله تعالى فليس في لفظ الكتاب تعرض له، لكن الواقف على مقاصد الكلام يفهمه من قوله: (ولا أن يميز بين داخل وداخل) كما سيأتي.

وقوله: (ففي استحباب الانتظار لدرك الداخل الركوع قولان) جواب على طريقة فرض الخلاف في الاستحباب، ثم المقابل لقول الاستحباب إنما هو عدم الاستحباب، ويمكن إدراج الحاصل من باقي الاختلافات فيه بأن يقال: إذا قلنا: لا يستحب، فهل يكره؟ فيه قولان: إن قلنا: يكره فهل يبطل الصلاة؟ فيه قولان، ويجوز أنه يعلم قوله: (قولان) بالواو، لأن القاضي ابن كج حكى طريقة عن بعض الأصحاب أن موضع القولين هو الانتظار في القيام، أما في الركوع فلا ينتظر قولاً واحداً، وعلل بأن القيام موضع تطويل، والركوع ليس موضع تطويل.

وأما قوله: (ولا ينبغي أن يطول) فهذا إشارة إلى أن الخلاف مفروض فيما إذا لم يطوِّل الانتظار، فأما التطويل فيجتنبه، وهذا قد ذكره الصيدلاني وغيره وهو شرط ثالث مضموم إلى الشرطين السابقين.

قال إمام الحرمين: وليس المراد أصل التطويل، فإن الانتظار لا يوجد صوره إلا إذا طول وزاد على القدر المعتاد، ولكن ضبطه أن يقال: إن طول تطويلاً لو وزع على جميع الصلاة لظهر له أثر محسوس في الكل، فهذا ممنوع مه لإفراطه، وإن كان بحيث يظهر في الركوع، ولكن لا يظهر في كل الصلاة لو وزع، فهذا موضع الاختلاف، ويجوز أن يعلم قوله: (ولا ينبغي أن يطول) بالواو، لأن أبا علي قال في "الإفصاح" (١): إن كان الانتظار لا يضر بالمأمومين، ولا يدخل عليهم مشقة، جاز كانتظار النبي -صلى الله عليه وسلم- في حَمْلِ أُمَامَةَ، وَوَضْعِهَا فِي الصَّلاَةِ (٢)، وإن كان ذلك مما يطول ففيه الخلاف.

وقوله: (ولا أن يميز بين داخل، وداخل) المراد منه أن يعم انتظاره الداخلين، فلا


(١) وهو شرح على المختصر وهو متوسط، انظر ابن قاضي شهبة (١/ ٢٨).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>