للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي بأنه نَاكِلٌ، أو قال لِلْمُدَّعِي: احلف، لم يكن له الحَلِفُ. وإن أَقْبَلَ عليه يحلفه، ولم يقل [له] (١) بعد: احلف، فهل هو كما لو قال: احْلِفْ؟ فيه وجهان عن القاضي الحُسَيْنِ. وإن لم يَجْرِي شيء من ذلك، فله الحَلِفُ حتى لو هَرَبَ المُدَّعَى عَلَيْهِ قبل أن يَحْكُمَ القاضي عليه؛ بأنه نَاكِلٌ وقبل أن تُعْرَضَ اليَمِينُ على المُدَّعِي، لم يكن للمدعي أن يَحْلِفَ اليَمِينَ المَرْدُودَةَ، وكان للمدعى عليه الحَلِفُ، إذا عاد. هكذا أَطْلَقَ صاحب "التهذيب"، وغيره. وقضيته؛ التَّسْوِية بين التَّصْرِيحِ بالنُّكُولِ، وبين السُّكُوتِ، حتى لا يمتنع (٢) من العَوْدِ إلى اليمينِ في الحَالَتَيْنِ إلا بعد الحُكْمِ بأنه نَاكِلٌ، أو بعد عَرْضِ اليمين على المُدَّعِي.

وقد يُفْهَمُ مِنْ قول من قال: إنه لا حَاجَةَ عند التَّصْرِيحِ بالنُّكُولِ إلى حكم الحاكم، امْتِنَاعُ العَوْدِ إلى الحَلِفِ عند التَّصْرِيحِ بالنكول، وإن لم يُوجَدْ حكم ولا عَرْضُ يَمِينٍ، وحيث مَنَعْنَاهُ من العَوْدِ إلى الحلف، فذاك (٣)، وإذا لم يرض المدعي.

فإن رَضِيَ فوجهان:

أحدهما: أن حَقَّ حَقِّهِ قد بَطَلَ، فلا يُؤَثِّرُ فيه الرِّضَا.

وأظهرهما: أن له العَوْدَ إليه، فإن الحَقَّ لا يَعْدُوهُمَا.

وقال في "الرقم": وإذا رَضِيَ بأن يَحْلِفَ المُدَّعَى عليه -والحالة هذه- ثم إنه لم يَحْلِفْ، لم يكن للمدعي أن يَعُودَ إلى يَمِينِ الرَّدِّ؛ لأنه أَبْطَلَ حَقَّهُ، حيث رَضِيَ بيمين المدعى عليه. وليُعَلمْ قوله في الكتاب: "ولا يثبت الحق" -بالحاء والألف والميم- لما مَرَّ من مَذَاهِبِهِمْ.

وقوله: "ويتم النكول ... " إلى آخره في لفظه إِشْكَالٌ؛ فإنه جَعَلَ أَحَدَ طرفي تمام النُّكُولِ حُكْمَ القَاضِي بالنُّكُولِ، ومَعْلُومٌ أن القاضي إنما يَحْكُمُ بالنُّكُولِ، إذا تَمَّ النكول، فكيف يكون تَمَامُ النُّكُولِ بالحكم المَوْقُوفِ على تمام النكول؟ وأراد أن حُكْمَ النُّكُولِ يَثْبُتُ بالتَّصْرِيحِ بالنكول، أو بالسُّكُوتِ، وحكم القاضي.

وقوله: "ففي جَوَاز الحَلِفِ خِلاَفٌ". أي هل يُنَفَّذُ الحكم بأنه نَاكِلٌ من غير عِلْمِهِ بحكم النُّكُولِ، أو لا يُنَفَّذُ حتى يجوز له الحَلِفُ؟ وعبْر بالخلاف (٤) عن الاحْتِمَالَيْنِ اللذين نَقْلَنَاهُمَا عن الإِمَامِ.


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: يمنع.
(٣) في أ: فذلك.
(٤) في ز: عن الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>