للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ولي] (١) الحاكم (٢) على المذكور في اليمين المَرْدُودَةِ. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَيَتَعَذَّرُ رَدُّ اليَمِينِ حَيْثُ يَكُونُ المُدَّعِي السُّلْطَانَ، فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ مَالِ الزَّكَاةِ لَمْ يَحْلِفِ السَّاعِي، بَلْ يَقْضِي بالنُّكُولِ عَلَى وَجْهٍ، وَيُحْبَسُ عَلَى وَجهٍ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ، وَالذِّمِّيُّ إِذَا ادَّعَى أنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، ثُمَّ نَكَلَ عَنِ اليَمِينِ، فَيُحْبَسُ عَلَى وَجْهٍ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ، وَلاَ يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى وَجْهٍ، وَوَلَدُ المُرْتَزِقَةِ إِذَا ادَّعَى البُلُوغَ وَاتُّهِمَ وَنَكَلَ لَمْ يَثْبُتِ اسْمُهُ إِلَى أنْ يُعْلَمَ بُلُوغُهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلاَ وَارِثَ لَهُ فَادَّعَى القَاضِي لَهُ دَيناً عَلَى إِنْسَانٍ فَنَكَلَ حُبِسَ عَلَى وَجْهٍ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالمَالِ عَلَى وَجْهٍ، وَيُتْرَكُ عَلَى وَجْهٍ، وَهوَ أَبْعَدُ هَهُنَا مِنْهُ فِي الذِّمِّيِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما ذكرنا: أنَّه تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي، فلا يُقْضَى بالنُّكُولِ، هو الأصل المُقَرَّرُ في المذهب (٣)، لكنه قد يَتَعَذَّرُ رَدُّ اليمين، وحينئذ فمن الأصحاب من يَذْهَبُ إلى القَضَاءِ بالنكول، وبَيَانُهُ بصِور -منها إذا طُولِبَ رَبُّ المَالِ بالزَّكَاةِ، فقال: بَادلْتُ النِّصَاب في أثناء الحَوْلِ، أو دَفَعْتُ الزَّكَاةَ إلى سَاعٍ آخر، أو غَلِطَ الخَارِصُ في الخَرْصِ، أو أَصَابَتِ الثِّمَارَ جَائِحَةٌ، واتَّهَمَهُ السَّاعِي، فيحلف على ما يدعيه إيجَاباً واسْتِحْبَاباً، على اختِلاَفٍ مذكور في الزَّكَاةِ؛ فإن نَكَلَ، لم يُطَالَبْ بشيء إن قلْنَا بالاسْتِحْبَاب، وإن قلنا بالإيْجَاب، فإن انْحَصَرَ المَوْصُوفُونَ بصفات الاسْتِحْقَاقِ في البلد، وقلناَ: بامتناع النَّقْلِ، فَتُرَدُّ اليَمِينُ عليهم، إلا يَتَعَذَّرُ الرَّدُّ إلى الساعي والسُّلطان. وما الذي يُفْعَلُ؟

فيه ثلاثة أوجه:

أظهرها: أنَّه تُؤخَذُ منه الزَّكَاةُ، وكيف سَبِيلُهُ؟

رأى ابن القَاصِّ هذا حُكْماً بالنكول، ورواه عن ابن سُرَيْجٍ، وسَبَب تَجْوِيزِهِ دُعَاءُ الضَّرُورَةِ إليه. وقال أكثرهم: ليس هذا حكماً بالنكول، ولكن قَضِيَّةَ مِلْكِ النِّصَاب، ومضي الحَوْلِ الوُجُوبُ. فإذا لم يثبت دافع أَخَذْنَا الزكاة.

والوجه الثاني: أنَّه لا يُطَالَبُ بشيء؛ لأنه لم تَقُمْ عليه حُجَّةٌ.

والثالث: أنَّه يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ، فَتُؤْخَذُ منه الزَّكَاةُ، أو يحلف فَيُعْرضُ عنه. ومنهم


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: الحكم.
(٣) علم أنَّه إنما يرد اليمين على المدعي إذا ادعى لنفسه حقاً فإن لم يكن كما في الراكب لدابة غيره والزارع لأرضه، لا يرد عليه اليمين إذا نكل مالكها عن اليمين في دعوى الإجارة؛ لأنهما لا يدعيان حقاً على المالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>