للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فالقُرْعَةَ [مرجحة] (١) عند اسْتِوَاءِ الجانبين كما في العِتْقِ، والقِسْمَةِ، والمُسَافَرَةِ بإحدى النساء، وما يُشْبِهُهَا، وهل يَحْتَاجُ على هذا من خرجت قُرْعَتُهُ إلى اليمين؟ فيه قولان في رواية أَكْثَرِهِمْ، ووجهان عن رِوَايَةِ القَفَّالِ، أَوْقَفهُمَا لظاهر لفظ الكتاب: أنَّه لا حَاجَةَ إلى اليمِينِ، والقُرْعَةُ ترجح بينته.

والثاني: أنَّه لاَ بُدَّ من اليمين، والقُرْعَةُ تَجْعَلُ أحدهما أَحَقَّ باليمين. وعلى هذا حكى القاضي الروياني: أنَّه يَحْلِفُ من خَرَجَت قُرْعَتُهُ؛ إن شهوده شَهِدُوا بالحَقِّ، ثم يُقْضَى له.

والقول الثالث: أنَّه يُوقَفُ إلى أن يُتَبَيَّنَ الأَمْرُ، أو يَصْطَلِحَا؛ لأنه أشْكِلَ الحال فيما يُرْجَى انْكِشَافُهُ، فَيُوقَفُ، كما لو زوجها وليان ونسيا (٢) السابق من العَقْدَيْنِ.

وأيضاً فإن أحدهما مُسْتَحِقٌّ، وإلا فالبَيِّنَتَانِ كَاذِبَتَانِ، والمُسْتَحِقُّ منهما غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، فَيُوقَفُ؛ كما لو طَلَّقَ إحدى امْرَأتَيْهِ، ومات قبل البيان، يُوقف (٣) المِيرَاثُ إلى الاصطلاح. واعْتَذَرَ الناصرون لِلتَّسَاقُطِ عن حَدِيثِ أبي مُوسَى -رضي الله عنه- أنَّه يُحْتَمَلُ أنَّه كان المدعي (٤) في أيديهما، فأبطل البَيِّنَتَيْنِ، وقسم (٥) بينهما.

وعن الحديث الآخر: أنَّه لما كان التنَازعٌ في قِسْمَةٍ، أو عِتْقٍ. وعما احْتُجَّ به للتوقف، بأن كونها زَوْجَةً لأحدهما، وكَوْنَ المِيرَاثِ لأحدهما مَعْلُوماً، واستحقاق أحدهما غير مَعْلُومٍ هاهنا، فلا يَلْزَمُ من التَّوَقْفِ هناك التَّوَقُّفُ هاهنا.

واعترف بعد هذا: أنَّه قد يُضَمُّ أَقْوَالُ الاستعمال إلى قول التَّسَاقُطِ، ويُقَالُ في المسألة أَرْبَعَةُ أقوال. كما نَسَّقَهَا في الكتاب، وأنه إذا كان التَّسَاقُطُ مَنْسُوباً إلى القديم، وكان هو الأَظْهَرَ عند الأصحاب، كانت المَسْأَلَةُ من المَسَائِلِ التي يرجّح فيها القديم.

وإن الإِمام، وصاحب الكتاب، حَكَيَا في مَحَلِّ القولين [في] (٦) التَّسَاقُط والاستعمال طَرِيقَيْنِ:

أحدهما: أن القولين فيما إذا لم تَتَكَاذَب البَيِّنَتَانِ (٧) صَرِيحاً، فإن تَكَاذَبَا (٨) صَرِيحاً، تَسَاقَطَ لاَ مَحَالَةَ.


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: ونسيت.
(٣) في أ: وقف.
(٤) في ز: أن المدعى كان.
(٥) في ز: وقسمه.
(٦) سقط في: أ.
(٧) في ز: البينات.
(٨) في ز: وإن تكاذبتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>