للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التهذيب" وغيره جَرَيَانُ قَوْلِ الوَقْفِ، وهو الوجه كما يُتَوَقَّفُ في التي أَنْكَحَهَا وَلِيَّاهَا، وليس الصُّلْح مقصورًا (١) على أن يأخذ هذا شَيْئًا من المدَّعَى، وهذا شَيْئًا آخر منه، بل من الصُّلْحِ أن يَتُوبَ الكَاذِبُ، ويُصَدَّقَ الصَّادِقُ.

وأما قول القُرْعَةِ، ففي جَرَيَانِهِ وَجْهَانِ منقولان في الكتاب وغيره:

أحدهما: تجري كما في بينتي المَالِ.

وأصحهما: وهو الجواب في "التهذيب": المنع، كما لا تَجْرِي القُرْعَةُ في التي أَنْكَحَهَا وَليَّاهَا. وفيما (٢) إذا طَلَّقَ إحدى زَوْجَتَيْهِ، ومات (٣).

الثانية: أقر صَاحِبُ اليَدِ لأحدهما بعدما أقام (٤) البينتين، إن قلنا: بالتَّسَاقُطِ قُبِلَ إقراره وحُكِمَ به، وإن قلنا بالاسْتِعْمَالِ، فوجهان:

أحدهما: أن المُقَرَّ له يصير كَصَاحِبِ اليد حتى تُرَجَّحَ بَيِّنَتُهُ.

والثاني: لا؛ لأن يَدَهُ بعد البَيِّنةِ مستحقة الإِزَالَةِ (٥)، فلا تَأْثيرَ لها، ولا اعْتِبَارَ بإقرار صاحبها، وإن أَقَرَّ تَمَام البينتين، قُبِلَ إِقْرَارُهُ. وصَار المُقرُّ له صَاحِبَ يَدٍ.

والوجهان في الكتاب وإن كانا مُطْلَقَيْنِ، ولكن قوله: "فهل ينزل (٦) إقراره منزلة اليد، يُفْهِمُ أنهما مُفَرَّعَانِ على قَوْلِ الاسْتِعْمَالِ.

فأما على قول التَّسَاقُطِ، فلا نقول: الإِقْرَارُ يرجح البَيِّنَةَ بِحَالٍ، ولكن كأنهما لم يقيما بَيِّنَةً، فَيُقْضَى بموجب الإِقْرَارِ والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الحَالَةُ الثَّانِيَةُ) أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِمَا، وَلاَ يَخْفَى إِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ أَنْ تَجْرِيَ الأَقْوَالُ، وَلَكِنْ إِذَا قُلْنَا بِالتَّهَاتُرِ فَهَهُنَا تَبْقَى الدَّارُ فِي أَيْدِيِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُدَّع فِي النِّصْفِ مُدَّعَىَ عَلَيْهِ فِي النِّصْفِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْي مَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَلاَ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلإِثْبَاتِ بِخِلاَفِ التَّحَالُفِ فِي البَيْعِ إِذِ النِّصْفُ هَهُنَا مُمَيَّزٌ عَنِ النِّصْفِ وَثَمَّةَ لاَ يَتَمَيَّزُ المُدَّعِي عَنِ المُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الجَمْعِ بَيْنَ النَّفْي وَالإِثْبَاتِ فِي المَسْئلَتَيْنِ قَوْلاَنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، ثُمَّ إِنْ حَلَفَ الأوَّلُ عَلَى النَّفْي فَنَكَلَ الثَّانِي رُدَّ عَلَيْهِ اليَمِينُ فَيَحْلِفُ عَلَى الإِثْبَاتِ، وَإِنْ نَكَلَ الأَوَّلُ الَّذِي بَدَأَ بِهِ القَاضِي تَحْكِيمَاً أَوْ


(١) في ز: مقصوداً.
(٢) في أ: ومما.
(٣) في ز: وماتت.
(٤) في ز: أما.
(٥) سكت المصنف تفريعاً عن المرجوح.
قال في الخادم: والأقوى الثاني، وذكر تعليل المذكور ثم قال فلا أثر لإقراره.
(٦) في ز: يُترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>