للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في يَدِهِ، فمن صدقه كأنه نَقَلَ إليه يده، فَتَجْتَمِعُ البَيِّنَةُ واليد. والأصَحُّ المَنْعُ؛ لاتِّفَاقِ البَيِّنَتَيْنِ على إِسْقَاطِ يده، وانْتِزَاعِ المَالِ منه باتِّفَاقِ الأَقْوَالِ.

واليد المُزَالَةُ لا تَقْتَضِي تَرْجِيحاً، فعلى هذا الحُكْم كما لو لم يصدق وَاحِد [منهما] (١) وَقَدَّمَاهُ، ثم اعرف شيئين:

أحدهما: أن الأَصْحَابَ لم يُفَرِّقُوا فيما إذا لم تَكُنِ البَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بتاريخين مختلفين وبين أن يكونا مُطْلَقَتَيْنِ، أو مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ واحد، أو إحداهما مُطْلَقَةٌ، والأخرى مُؤَرَّخَةٌ، بل صَرَّحُوا بالتَّسْوِيَةِ. إلا أن أبا الفَرَجِ الزَّاز اسْتَدْرَكَ فقال: هذا إذا لم نُقَدِّمِ البَيِّنَةَ المُؤَرَّخَةَ على المُطْلَقَة، فإن قَدَّمْنَاهَا، قَضَيْنَا لصاحب البَيِّنَةِ المُؤَرَّخَةِ، ولا تجيء الأَقْوَالُ (٢).

والثاني: خَصَّصُوا الوَجْهَيْنِ في أن تَصْدِيقَ صَاحِب اليد، هل يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ؟ بما إذا فرغنا على قَوْلِ اسْتِعْمَالِ البَيِّنتَيْنِ.

وأما على قول التَّهَاتُرِ، فلم يُفَرِّقُوا بين أن يصدق، أو لا يصدق. كما حَكَيْنَا، ولكن قِيَاسُ جَعْلِ التصديق مَرَجِّحاً، أن يُقَالَ: يترجح (٣) جانب من صَدَّقَهُ، وليست حَالَهُ التَّصْدِيقِ مَوْضِعَ خِلاَفِ التَّهَاتُرِ والاستعمال، كاليَدِ وسَائِرِ ما يوجب التَّرْجِيحَ.

ولْنَعُدْ إلى لفظ الكتاب قوله: "إذا ادَّعَى رجلان دَاراً ... " إلى آخره، وليس في التَّصْوِيرِ ذِكْرُ إِقَامَةِ كل واحد منهما البَيِّنَةَ على ما ادَّعَاهُ، فلا بد من تقديره (٤). وقوله: "وإذا جَرَتِ الأقوال الأربعة"، يريد بها التَّسَاقُطَ، والوَقْفَ، والقُرْعَةَ، والقِسْمَةَ. ولْيَعْلَمْ بالواو لما حكينا في الوَقْفِ. وأيضاً فَعَنِ الشَّيْخ أبي محمد أن قول القُرْعَةِ، لا يجري، إلا إذا تَحَقَّقْنَا صِدْقَ أحدهما، وكَذِبَ الآخر؛ بأن أُرِّخَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ.

فأما إذا احْتُمِلَ أن يكونا صَادقين، فإن أَطْلَقَا، أو أطلق أَحَدُهُمَا، وأَرَّخَ الآخر، فإنه لا يَجْرِي.

وأيضاً فقد ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ رُكْنِ البَيِّنَةِ طُرُقاً في موضع الأقوال؛ منها ما ينفي (٥) اجتماع الأَقْوَالِ الأرْبَعَةِ هاهنا وقوله: "فإذا فسخ (٦) أحدهما رَجَعَ إلى الثَّمَنِ، وكأن الآخَرَ، أخذ جَمِيعَ الدار"، المراد منه ما إذا تَقَدَّمَ الفَسْخُ.


(١) سقط في: أ.
(٢) وقد نازع بعضهم في هذا الاستدراك من جهة أن القول بتقديم المؤرخة على المطلقة علته أن الإِطلاق في الوقت والملك ونحوهما.
(٣) في ز: بترجيح.
(٤) في أ: تقريره.
(٥) في ز: يبقى.
(٦) في ز: انفسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>