للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتضت (١) أن يَكُونَ جَمِيعُ المَالِ له، إلا أن البَيِّنَةَ الأخرى عارضتها، فعملنا (٢) بكُلِّ وَاحِدَةٍ منهما، بِحَسَبِ الإِمْكَانِ.

قال العراقيون: وليس صَرْفُ النِّصْفِ إلى كل واحد منهما خَطَأً يقيناً؛ لاحتمال أنَّه مَاتَ نَصْرَانِيّاً، وهما نَصْرَانِيَّانِ، فورث مَالَهُ، ثم أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، وادعى موته مُسْلِماً؛ ليَفُوزَ بالجَمِيعِ.

الحالة الثانية: إذا لم يكن الأَبُ مَعْرُوفَ الدِّين، وادَّعَى كُلُّ واحد من الاثْنَيْنِ أنَّه كان على دِينِهِ، فإن لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ، نُظِرَ؛ إن كان المَالُ في يَدِ غيرهما، فالقَوْلُ قوله، وإن كان في يَدِهِمَا، فَيَحْلُفُ كُلُّ واحد منهما لِصَاحِبِهِ، ويُجْعَلُ بينهما.

وإن كان في يَدِ أحدهما، فالذي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وجماعة: أن القول قَوْلُهُ، مع يَمِينِهِ، ونَسَبَ الإِمام هذا الوَجْهَ إلى القاضي الحُسَيْنِ، كأنه أَجَابَ بِمِثْلِ جوابهم.

والصحيح، وهو المذكور في الكتاب: أنَّه يُجْعَلُ بينهما أَيْضاً، ولا أَثَرَ لِلْيَدِ بعد اعْتِرَافِ صَاحِب اليد بأنه كَانَ لِلْمَيِّتِ (٣)، وأنه يأخذه إِرْثاً، وإن أقام كُلُّ واحد بَيِّنَةً، فالبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ، ولا فَرْقَ في هذه الحَالَةِ بين أن يكونا مطلقتين، أو مقيدتين.

ويجيء في جَرَيَانِ قَوْلِ القِسْمَةِ خَلاَفُ أبي إِسحَاقَ، وفيه وجه: أن بَيِّنَةَ الإِسْلاَمِ مُقَدَّمَةٌ؛ لأن الظَّاهِرَ من حال مَنْ [في] (٤) دار الإِسْلاَمِ، إنما هو الإِسْلاَمُ.

والمَشْهُورُ الأول، ويُصَلَّى على هذا المَيِّتِ المَشْكُوكِ في دِينِهِ، وَيدْفِنُهُ في مقابر المسلمين. وتعتد النية (٥) في الصَّلاةُ فيقول: أُصَلِّي عليه إن كان مُسْلِماً، كما لو اخْتَلَطَ مَوْتَى المُسْلِمِينَ بموتى الكُفَّارِ، وقد مَرَّ ذكره في الجَنَائِزِ.

ونَخْتِمُ المَسْأَلَةَ بِفَوَائِدَ عن الشيخ أبي عَاصِم: أنه فَسَّرَ كلمة "التَّنَصُّرِ" فيما إذا شَهِدَتِ البَيِّنَتَانِ على آخر ما تَكَلَّمَ به، بأن يقول: لا إله إلا الله، عيسى رَسُولُ الله.

قال القاضي أبو سَعْدٍ: وفيه إِشْكَالٌ ظَاهِرٌ، فإن المسلمين يُثْبِتُونَ نُبُوَّةَ عيسى عليه السَّلاَم -وإثبات نُبُوَّتِهِ لَيْسَ نَفْياً- لِنُبُوَّةِ [نبينا] (٦) محمد -صلى الله عليه وسلم-، سيما عند مُنْكِرِي المفهوم


(١) في ز: أمضت.
(٢) في ز: فعلمنا.
(٣) قال في الخادم ما ذكره فيما إذا لم يكن بينة يخالف ما أطلقه في الفرع الآتي إذا مات عن زوجة وأخ مسلمين وأولاد كفرة وقال المسلمان مات مسلماً وقال الأولاد مات كافراً، فإن كان أصل دينه الكفر صدق الأولاد كذا ذكره الشيخ فيما بعد.
(٤) سقط في: ز.
(٥) في ز: وتفيد البينة.
(٦) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>