للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: [المُلْحِقُ: هو القَائِفُ،] (١) وليكن فيه صِفَاتٌ؛ منها ما اتَّفَقُوا على اعْتِبَارِهَا، ومنها ما اخْتَلَفُوا فيه، فمنها كونه مُدْلجيّاً؛ وفيه وجهان: أحدهما: أنه شَرْطٌ؛ لأن الصَّحَابةَ -رضي الله عنهم- رَجَعُوا إلى بني مُدْلج دون سَائِرِ الناس (٢). وقد يَخُصُّ الله -تعالى جَدَّه- جَمَاعَةً بنوع من المَنَاصِبِ، والفَضَائل، كما خَصَّ قُرَيْشاً بالإمامة.

والثاني: أنه ليس بشَرْطٍ، وسَائِرُ الناس من العَرَبِ، والعَجَمِ، يشاركونهم فيه، لأن القِيَافَةَ نَوْعٌ من العِلْمِ، فمن تَعَلَّمَهُ، عَمِلَ بِعِلْمِهِ.

والأول، أصحُّ عند الإِمام، وصاحِبِ الكتاب.

والثاني أَصح، عند العراقيين، وأكثر الأصْحَابِ -رحمهم الله-.

إن بني (٣) مدلج على ما ذكر القاضي ابْنُ كَجٍّ بَطْنٌ من خُزَاعَةَ، ويُقَالُ: من أَسدٍ.

ومنها كونه مُجَرِّباً، فمن لم يُعْرَفْ علمه في هذا النوع، لا يُعْتَمَدُ قوله، كما أن من لم يُعرَفْ عِلْمُهُ بالأحكام، لا يُجْعَلُ قَاضِياً.

وكيفية تجربته (٤)؛ التي أَوْرَدَهَا في الكتاب: أن يُعْرَضَ عليه وَلَدٌ في نِسْوَةٍ، ليست فيهن أُمُّهُ، ثم في نِسْوَةٍ ليست فيهن أُمُّهُ، ثم في نسوة ليست فيهن أُمُّهُ، ثم في صِنْفٍ رابع فيهن أُمُّهُ، فإذا أصاب في الكل، قُبِلَ قوله بعد ذلك. وفي هذه الكيفية شَيْئَانِ:

أحدهما: عَرْضُ الأَمْرِ، هل يَخْتَصُّ التجربة؟ أم يجوز أن يُعْرَضَ عليه المَوْلُودُ مع أبيه؟ فيه وجهان:

الذي ذكره القَفَّالُ، وأَوْرَدَهُ صاحب "التهذيب"؛ الاختصاص، وامْتِنَاعُ التجربة بالأب؛ لأن لُحُوقَ الوَلَدِ بالأب، لا يُعْلَمُ يَقِيناً. وهذا يوافق سِيَاقَ الكتاب.

وأشبههما: وبه أجاب العِرَاقيُّونَ، وغيرهم: أنه يجوز التَّجْرِبَةُ، بعرض الوَلَدِ عليه مع أبيه، إلا أن العَرْضَ مع الأُمِّ أَوْلَى. وحكوا هذا عن نَصِّهِ -رضي الله عنه- في "الأم".

والثاني: تَكْرِيرُ العَرْضِ ثلاثاً. واختلف النَّاقِلُونَ فيه؛ فمنهم من قال: يُعْرَضُ عليه مَوْلُودٌ مع أبيه في رجال، أو مع أُمِّهِ في نِسْوَةٍ؛ فيقال: ألحقه بأمه.

أو يُعْرَضُ عليه أولاد (٥) نسوة وامرأة منهن؛ فيقال: ألْحِقْ ولدها به ولم يَشْتَرِطُوا


(١) سقط في: أ.
(٢) قال الحافظ في التلخيص: "قوله يروى عن الصحابة أنهم رجعوا إلى بني مدلج دون سائر الناس" لم أجد له أصلاً.
(٣) في ز: وبنو.
(٤) في ز: تجريبه.
(٥) في ز: أولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>