للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَلِكَ لَوْ شَرَطَ نَفْيَ الوَلاَءِ أَوْ ثُبُوتَهُ لِغَيْرِ المُعْتَقِ لَغَا، وَلاَ يَثْبُتُ الوَلاَءُ بِالمُوَالاَةِ وَالعَهْدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال في "الصِّحَاح": يقال بينهما وَلاَءً بالفتح: أي قرابة. والولاء وَلاَءُ المعتق، وَالوَلاَءُ المُوَالُونَ يقالَ: هم وَلاَءُ فلان، والموالاة ضد المعاداة، وفي الباب نظران:

أحدهما: في سبب الولاء، وهو زوال الملك بالحرية عن الرقيق، وقد يقال: هو عتق مملوك الإنسان (١) عليه، فمن أعتق عبداً بالتَّنْجِيزِ؛ أو بالتعليق ووجود الصفة ثبت له الولاء عليه. قال -صلى الله عليه وسلم-: "الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (٢) وكذا لو دبر عبده، واستولد جاريته، فعتقا بموته، أو كاتب فعتق المكاتب بأداء النجوم أو بالإبراء، أو التمس من مالك العبد أن يعتق عبده عنه بعوض أو بغير عوض، فأجابه فإن العتق، وقع عن الملتمس، أو أعتق نصيبه من العبد المشترك فسرى، أو ملك قريبه [فعتق] (٣) عليه.

ولو باع العبد من نفسه فسيأتي القول فيه في "الكتابة" والصحيح صحته، وحينئذ فولاؤه للسيد كما لو أعتقه على مال.

وفيه وجه: أنه لا ولاء عليه؛ لأن البيع يزيل الولاء عنه، ولا يثبت للعبد الولاء على نفسه، وقد ذكر هذا الوجه في الكتاب هناك واقتصر [هاهنا] (٤) على إيراد الأظهر، ولا فرق بين أن يتفق الدِّيْنُ أو يختلف حتى لو أعتق المسلمُ عبداً كافراً، أو الكافر [عيباً] (٥) مسلماً يثبت [علقة] (٦) الولاء، وإن لم يتوارثا كما يثبت علقةُ النكاح، والنسب بين الكافر والمسلم، وإن لم يتوارثا (٧).

وعن مالك: أنه لا يثبت الولاء مع اختلاف الدِّينِ والولاء من خاصية الإعتاق، وبه يُشْعِرُ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (٨). فمن أسلم على يديه مشرك، فلا ولاء له عليه، ومن أعتق عبد غيره بغير إذنه وقع العتق عنه، وكان الولاء له دون المعتق عنه خلافاً لمَالِكٍ ثم "الْوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ" على ما روُيَ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ" (٩) والمعنى


(١) في ز: للإنسان.
(٢) تقدم.
(٣) في ز: فيعتق.
(٤) سقط في: ز.
(٥) سقط في: ز.
(٦) سقط في: ز.
(٧) في أ: ولا يثبت الميراث.
(٨) متفق عليه.
(٩) رواه الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بهذا، ورواه ابن حبان [٧/ ٩١] في صحيحه من طريق بشر بن الوليد عن أبي يوسف، لكن قال عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله ابن دينار، وكذلك رواه البيهقي [١٠/ ٢٩٢ - ٢٩٣]، وقال في المعرفة: كأن الشافعي حدث به من حفظه، فنسي عبيد الله بن عمر من إسناده، وقد رواه محمد =

<<  <  ج: ص:  >  >>