للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُصُولِ العِتْقِ هاهنا إذا أعطى من مَالِ غَيْرِهِ مِثْلُ ذلك الخِلاَفِ فإن فَرَّعْنَا على أنه يعتقُ، فعن الشيخ أبي عَلِيٍّ رِوَايَةُ وَجْهَيْنِ في "شرح التلخيص" في أن سَبِيلَ هذه المُعَامَلَةِ سَبِيلُ الكتابة الفاسدة، أو هي تَعْلِيقُ مَحْضٌ:

أحدهما: أنها كالكِتَابَةِ الفَاسِدَةِ، حتى يَرُدَّ السيد ما أخذ، ويرجع على العَبْدِ بقيمة رَقَبَتِهِ حتى يتبعه [الكسب] (١) والأولاد الحاصلة بعد التَّعْلِيقِ.

والثاني: أنه لَيْسَ لها حُكْمُ الكتابة الفَاسِدَةِ وعلى هذا فَوَجْهَانِ:

أحدهما: أنه يَرْجِعُ على العبد بقيمة رَقَبَتِهِ.

كما أنه إذا قال لِزَوْجَتِهِ: إن أَعْطَيْتنِي ألْفاً،، فأعطته ألفاً مَغْصُوباً، وقلنا بوُقُوعِ الطَّلاَقِ، فإنه يرجع عليها.

والثاني: أنه لا رُجُوعَ له، والذي جرى مَحْضُ تَعْلِيقٍ، ويخالف الزوجة، فإنها أَهْلُ الْتِزَام وَقْت المُخَاطَبَةِ، والعَبْدُ ليس أَهْلاً له. قال في "الوسيط": الظاهر أنه لا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بالقيمة، وأنه لا يتبعه [الأكساب] (٢) والوَلَدُ.

الثانية: إذا قال لِعَبْدِهِ: بِعْتُ منك نَفْسَكَ بكذا، فقال: اشتريت، أو قال العَبْدُ: بعْنِي نفسي بكذا فقال: بِعْتُ. صَحَّ البَيْعُ، وثبت المَالُ في ذِمَّتِهِ، وعتقَ في الحال، كما لَو أعْتَقَهُ على مَالٍ. هذا ظاهر المَذْهَبِ.

وعن نقل الربيع، أو تَخْرِيجِهِ قَوْلٌ: أنه لا يَصِحُّ البيع؛ لأن السيد لا يُبَايعُ عَبْدَهُ ألا ترى أنه لا يبيع منه مَالاً آخر، وأيضاً فإن البَيْعَ لإِثْبَاتِ المِلْكِ، وهو لا يملك نَفْسَهُ واختلفوا فيه؛ فمن الأصْحَابِ مَنْ أَثبَتَ هذا قَوْلاً آخر، [منهم] (٣) أبو حامد القَاضِي، والشيخ، ومنهم مَنْ جَعَلَهُ من [كيس الربيع] (٤)، وقَطَعَ بالأول، ويحكى ذلك عن أبي إِسْحَاقَ، وابن أبي هُرَيْرَةَ. إذا قلنا بِصِحَّةِ البَيْعِ، وحُصُولِ العِتْقِ، فللسيد الوَلاَءُ عليه كما لو أَعْتَقَهُ على مَالٍ. وفيه وجه آخر مَذْكُورٌ من قَبْلُ.

ولو أَقَرَّ السَّيِّدُ بأنه بَاعَ منه نَفْسَهُ، وأنكر العَبْدُ، عتق العَبْدُ بإقرار السيد، وحَلَفَ العَبْدُ أنه لم يشتر ولا شَيْءَ عليه.

ولو قال: بعْتُكَ نَفْسُكَ بهذه العَيْنِ، أو بِخَمْرٍ، أو خِنْزِيرٍ فإن صَحَّحْنَا بَيعَهُ منه [وأَثْبَتْنَا] (٥) الوَلَاءَ للسيد، فيعتق (٦)، وعلى العبد قِيمَةُ رَقَبَتِهِ؛ كما لو قال: أعتقتك على


(١) في ز: الاكتتاب.
(٢) في ز: الاكتتاب.
(٣) في ز: منهما.
(٤) سقط في: ز.
(٥) سقط في: ز.
(٦) وهو يوهم أن في صحة البيع بهذه الأشياء خلافاً، ولا يمكن في ذلك لكن مراده فإن صححنا بيعه بثمن صحيح في ذمته وفيه تنبيه على أنه إذا أبطلنا ذاك فهنا أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>