للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله في الكتاب: "فقبض نُجُومَ مُكَاتَبهِ في الصحة" لا ينبغي أن يعلق قوله: "في الصحة" بالقبض؛ فلا فَرْقَ أن يكون القَبْضُ المُقِرُّ به في الصحة أو في المرض، ولكن التعلق بقوله: "فكاتبه" فإن الكِتَابَةَ ينبغي أن تَقَعَ في الصِّحَّةِ ليكون الاعْتِبَارَ من رَأْسِ المال.

قال الصَّيدَلاَنِيُّ: فأَمَّا إذا كانت الكِتَابَةُ في المَرَضِ، فأصل الكتابة من الثلث، فلا يفيد الكَلاَمُ في أن الإقْرَارَ كيف يقبل، بل يقبل (١) فيما صَحَّحْنَا فيه الكِتَابَةَ. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا المُرْتَدُّ فَيُبْنَى كِتَابَتُهُ عَلَى أَقْوَالِ المِلْكِ، وَالكَافِرُ تَصِحُّ كِتَابَتُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ العَبْدُ قَدْ أَسْلَمَ وَخُوطِبَ بِبَيْعِهِ وَكَاتَبَ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ كَاتَبَ ثُمَّ أَسْلَمَ العَبْدُ فَفِي الاِنْقِطَاعِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِأَنْ يَدُوم الكِتَابَةُ، وَالحَرْبِيُّ تَصِحُّ (ح م) كِتَابَتُهُ وَلَكِنْ لَوْ قَهَرَهُ السَّيِّدُ عَادَ مِلْكُهُ قَبْلَ العِتْق وَبَعْدَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لا يشترط لِصِحَّةِ الكِتَابَةِ إِسْلاَمُ السيد، بل تَصِحُّ كتابة الكَافِرِ في الجملة، كما يصح إِعْتَاقُهُ، ثم فيه مَسَائِلُ:

إحداها: ذكرنا في "التَّدْبِيرِ" أن تدبير المُرْتَدِّ عَبْدَهُ مَبْنِيٌّ على أقوال [الملك] (٢) في المرتد، ولو [كاتب المرتد] (٣) عبده، ففيه طريقان:

أحدهما: وبه قال ابْنُ القَطَّانِ، وابن الوَكِيلِ، وَرَجَّحَهُ أبو إِسحاق ويُحْكَى عن اختيار الشيخ أبي حَامِدٍ: إن كانت الكِتَابَةُ على الأقوال أيضاً، فإن قلنا بِزَوَالِ مِلْكِ المُرْتَدِّ فهي بَاطِلَةٌ، وإن قلنا بِبَقَائِهِ فصحيحة، وإن قلنا بالتَّوَقُّفِ فهي موقوفة أيضاً.

والثاني وبه قال القاضي أبو حَامِدٍ: أنَّه ليس في الكِتَابَةِ إلاَّ القولان الأَوَّلاَنِ، ولا يجيء فيها التَّوَقُّفُ؛ لأن الكتابة عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، والعقود لا تُوقَفُ على أَصْلِ الشَّافعي -رضي الله عنه- بخلاف التَّدْبِيرِ، فإنه تَعْلِيقُ عِتْقٍ، والتعاليق تقبل الإغرار ومن نصر الأول قال الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه-: لا يصح العَقْدُ للمالك مَوْقُوفاً على إِجَازَتِهِ ورِضَاهُ. فأما انعقاد العَقْدِ مَوْقُوفاً على ما سَيَظْهَرُ وَينْكَشِفُ، فإنه يجوزه؛ ألا ترى أن تَصَرُّفَ المريض بالهِبَةِ والبَيعِ بالمُحَابَاةِ يَنْعقِدُ موقوفاً على إِجَازَةِ الوَرَثَةِ.

وأيضاً فإن تَصَرُّفَ المُفْلِسِ ينعقد مَوْقُوفاً على أحد القَوْلَيْنِ وقد يُؤَدِّي غَرَضُ الطريقين بِعِبَارَةِ أَقْصَرَ من هذه، فيقال: إن قلنا بِزَوَالِ مِلْكِ المُرْتَدِّ، لم تَصِحَّ الكِتَابَةُ، وإن قلنا بِبَقَائِهِ صَحَّت، وإن قُلْنَا بالوَقْفِ، فعلى الجديد والقديم أن العُقُودَ؛ هل توقف؟ ثم ما مَوْضِعْ الخِلاَفِ على اختلاف الطريقين فيه طرق:


(١) في أ: يفيد.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: كانت.

<<  <  ج: ص:  >  >>