للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كاتب المُسْلِمُ عَبْداً كافراً في دار الإسْلاَمِ، أو في دار الحرب صَحَّتِ الكِتَابَةُ، فإن عتق لم يُمَكَّنْ من الإِقَامَةِ في دار الإِسلام إلاَّ بالجِزْيَةِ، وإن وَقَعَ في الأَسْرِ [وكان في] (١) دار الحرب لم تبطل الكتابة؛ لأنه في أَمَانِ سَيِّدِهِ، وهذا كما أنَّه لا يُسْتَرَقُّ مُعْتقه، وإن الْتَحَقَ بِدَارِ الحرب.

وإذا اسْتَوْلَى الكُفَّارُ على مُكَاتَبِ مُسْلِم، لم تبطل الكِتَابَةُ، وكذا لا يبطل التَّدْبِيرُ، والاسْتِيلاَدُ؛ إذا اسْتَوْلَوْا على مُدَبَّرِهِ أو مُسْتَوْلَدَتِهِ.

وإذا استنفذ المُسْلِمُونَ مُكَاتَبَه، فهل تُحْسَبُ مُدَّةُ الأَسْرِ من أصل مال الكتابة؟

فيه طريقان:

أحدهما: أنَّه على القَوْلَيْنِ، فيما إذا حَبَسَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ مُدَّةً.

وأظهرهما: القَطْعُ بالاحْتِسَابِ، بخلاف تلك الصُّورَةِ، فإن المَنَافِعَ فَاتَتْ عليه بِتَقْصِيرٍ وتَعَدٍّ من السيد وهاهنا بخلافه.

ويُبْنَى على هذا الخِلاَف أنَّه: هل للسَّيِّدِ الفَسْخُ، والتعجيز، وهو في الأَسْرِ؟

فإن قلنا باحْتِسَاب المدة عليه، فله ذلك، ثم يفسخ بنفسه، كما لو كان المُكَاتَبُ حاضرًا، أو يُرْفَعُ الأَمْرُ إَلى الحاكم ليَتَفَحَّصَ؛ هل له مَالٌ يَفِي بالكتابة؟ فيه وجهان:

أظهرهما: الأول، ثم إذا فُسِخَتِ الكِتَابَةُ، وأقام البَيِّنَةَ بعد الخَلاَصِ، على أنَّه كان له مِنَ المَالِ ما يَفِي بالكتابة، بَطَلَ الفَسْخُ، وَأَدَّى المَالَ، وعُتِقَ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرُّكْنُ الرَّابعُ: المُكَاتِبُ وَلَهُ شَرْطَانَ الأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفاً فَلاَ يَصِحُّ كتَابَةُ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزاً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يشترط لِصِحَّةِ الكتابة أن يكون العَبْدُ مُكَلَّفاً؛ ليستقلى بالكَسْبِ، ويوثق بصرف ما يَكتَسِبُهُ إلى السَّيِّدِ فلا تصح كِتَابَةُ الصَّبِيِّ مُمَيِّزاً كان أو غَيْرَ مميز، ولا كِتَابَةُ المَجْنُونِ. وعند أبي حَنِيْفَةَ، وأحمد: تَصِحُّ كِتَابَةُ الصبي المُمَيِّزِ، بِنَاءاً على أنَّه يجوز تَصَرُّفُهُ بِإذنِ الوَليِّ [وإيجاب] (٢) السيد إذن له في القَبُولِ.

واحتج الأَصْحَابِ -رحمهم الله- بأنه غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فلا تصح كِتَابَتُهُ كالمجنون.

وفي "جمع الجوامع" للروياني: أنَّه لو كَاتَبَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ الذي لا يُمَيِّزُ والمَجْنُونَ، وقبل السيد عنه يَجُوزُ عند أبي حَنِيفَةَ.


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>