للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما لو قال: إن دخَلْتَ الدار بعد موتي. ولا يَخْفى أن الكِتَابَةَ الفَاسِدَةَ مُفَارِقَةٌ للصحيحة في المَسَائِل الأربع جميعاً، وقد نُنَاقِشُ لذلك في قوله في الكتاب: "ويفارقه في أمرين" فإنه يفهم (١) الحصر، وليس بين المَسَائِلِ الثلاث بين الأخيرة رَبْطٌ حتى يجعل إفراد الرابع (٢) المذكور أولاً إفراد أيضاً.

فلا يجب الإِيتاء في الكتابة الفَاسِدَة على ما سَيَأْتِي إن شاء الله تعالى. وإذا كاتب جَارِيَةً كِتَابَةً فَاسِدَةً، وعجزت عن الأَدَاءِ فارقها، أو فسخ الكتابة لم يجب الاسْتِبْرَاءُ، بخلاف ما في الكِتَابَةِ الصحيحة.

ولو عَجَّلَ النُّجُومَ في الكتابة الفاسدة؛ فهل يُعْتَقُ كما في الكِتَابَةِ الصحيحة، أو لا يعتق؛ لأن الصِّفَةَ لم توجد على وَجْهِهَا؟

فيه وجهان (٣) هذا تَمَامُ الكلام في أَرْكَانِ الكتابة بِتَوَابِعِهِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّانِي: فِي أَحْكَامِهَا، وَهِيَ خَمسَة: الأَوَّل مَا يَحْصُلُ بِهِ العِتْقُ وَفِيهِ مَسَائِلُ سِتَّةٌ: الأُولَى أنَّهُ يَحْصُلُ فِي الصَّحِيحَةِ بِأدَاءِ النُّجُوم، وَبِالإبْرَاءِ، وَبالاعْتِيَاضِ، وَلاَ يَحْصُلُ بِجُزْءٍ مِنَ النُّجُوم جُزْءٌ مِنَ الحُرِّيَّةِ حَتَّى يُؤَدِّي الكُلَّ، وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ دُفْعَةً عُتِقَ أَحَدُهُمَا بِأدَاءِ نَصِيبِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّانِي، وَلَوْ كَاتَبَا عَبْداً لَمْ يُعْتَق نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ النُّجُومِ إلَيْهمَا، إلاَّ أَنْ يُكاَتَبَ وَاحِدٌ، وَيُخَلَّفَ ابْنَيْنِ، فَيُعْتَقَ نَصِيبُ أَحَد الابْنَيْنِ بِأدَاءِ نَصِيبِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قوله: "في أحكامها" يرجع إلى الكتابة المُسْتَجْمِعَةِ الأركان بِشَرَائِطِهَا، وهي الصحيحة، هذا هو المَعْهُودُ من تَرْتِيبِ صاحب الكتاب في المقدمة. وحينئذ فقوله في الصحيحة حيث قال: "يحصل في الَصحيحة بأداء النجوم" مُسْتَغنى عنه. واعْلَمْ أنَّه جعل أحكام الكتابة الصحيحة خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ، وأَدْرَجَ فيها ما يحتاج إلى مَعْرِفَتِهِ في هذا النَّظَرِ:

أحدها: أن العتق بم يحصل، ولا شَكَّ في حصوله بأَدَاءِ النجوم بِتَمَامِهَا، وكذلك بالإِبْرَاءِ عنها على قَضِيَّةِ الإِبْرَاءِ عن الثَّمَنِ والأُجْرَةِ.

وأما قوله: "وبالاعتياض"؛ فهذا قد أَرْسَلَهُ إِرْسَالاً، والمفهوم منه إذا أخذ عن النجوم عِوَضاً حصل العِتْقُ لِبَرَاءَةِ الذمة عن النجوم، لكن في جَوَازِ الاستبدال عن النُّجُومِ


(١) في ز: يظهر.
(٢) في أ: التراجع.
(٣) قال النووي في زياداته: أصحهما الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>