للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالولد. إلاَّ أن يكون الولد مُمَيِّزاً، ويخاف أن تَفْتِنَهُ عن دِينِهِ، فلا يترك عنده (١).

في "فَتَاوَى القَفَّالِ": أن العَبْدَ إذا أَوْلَدَ جَارِيةَ ابنه الحُرِّ لا حَدَّ عليه، ويثبت النَّسَبُ، ولا يثبت الاسْتِيلاَدُ؛ لأنه ليس من أَهلِ المِلْكِ، وأن المُكَاتَبَ إذا أَوْلَدَ جَارِيةَ ابنه الحُرِّ، فيحتمل أن يبنى ثُبُوت الاسْتِيلاَدِ [على الخلاف في أنه إذا أوْلَدَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ، هل يثبت الاسْتِيلاَدُ] (٢).

وأن من وَطِئَ جَارَيةَ بَيْتِ المال يُحَدُّ، فإن أَوْلَدَهَا، فلا نَسَبَ ولا اسْتِيلاَدَ، ولا فَرْقَ في ذلك بين الغَنِيَّ والفقير؛ لأنه لا يجب الإِعْتَاقُ من بيت المال.

وأنه لو أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ على مال يَجُوزُ، ولو بَاعَ نفْسَهَا منها، فكذلك على الظَّاهِرِ؛ لأن بَيْعَ العَبْدِ من نَفْسِهِ إِعْتَاقٌ على الحَقِيقَةِ (٣) فقيل: أليس يثبتُ الخِيَارُ للسَّيِّدِ في بيعِ العبدِ من نفسِهِ عَلى وجْهٍ، وَفِيه اعتبارُ حُكْم المُعاوضَة.

فقال: ذَلِكَ وَجْهٌ بعيدٌ إذا أَوْلَدَ جاريَتَهُ المُحَرَّمةُ عَلَيْهِ بِرِضَاعٍ أوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ نَسَبٍ، فعليه الحدُّ في قولٍ، والتَّعْزِيرُ عَلى الأَظْهَرِ.

وعلى القولينِ: لَوْ أَوْلَدَهَا، فالولدُ حُرٌّ نَسيبٌ، وتَصِيرُ هي مُسْتَوْلَدَةٌ قال الأصحاب: ولا يتصورُ اجتماعُ هذه الأرحامِ مع وجوبِ الحدِّ إلا في هذه الصورةِ على أحد القولين.

واعلم أن الكلامَ في أحكام المستولدةِ قد مَرَّ مقدماً على الأبواب السالفةِ، فلذلك (٤) كانت مُؤْنَة البابِ (٥) حَقِيقَةٌ نسأل الله تعالى أن يُخَفِّفَ عَنَّا بحسنِ المعونةِ كُلُّ


(١) قال النووي الصحيح الذي عليه الجمهور: أنه لا حضانة لكافر على مسلم، كما سبق في الحضانة، ولا حضانة هنا للأب.
(٢) سقط في: ز.
(٣) هذا مستثنى من بيع المستولدة ويستثنى من ذلك مسائل:
منها مستولدة الراهن المعسر كما قرره في باب الرهن.
ومنها إذا استولد جاريته الجانية وهو معسر فتباع المرهونة لجهة دين الرهن خاصة والجانية لدين الجناية.
(٤) اعترض صاحب المهمات على الشيخين بأن لنا صوراً أخرى تجيء فيها هذه الأحكام وأن الرافعي ذكرها في باب حد الزنا.
قال في الخادم: ولا يرد على الرافعي؛ لأن طريقة القولين عنده مرجوحة في ذلك كله وذلك لأنه حكى القولين في المحرمة عليهم نسب أو رضاع أو مصاهرة وأصحهما لا يجب الحد، ثم قال ولو وطئ مشتركة بينه وبين غيره أو المزوجة أو المعتدة عن غيره أو المجوسية أو الوثنية أو أسلمت أمة الذمي فوطئها قبل أن تباع فطريقان:
أحدهما: طرد القولين وأقواهما القطع بالمنع لأن تحريمهن لا يتأبد فشبه وطء الحائض، وقال في الروضة؛ فلا حد على المذهب، وقيل: فيه قولان، فإن قلنا: لا حد يثبت النسب والمصاهرة وإلا فلا. انتهى.
وحينئذ فإنما يصح الاعتراض أن لو كان الصحيح عنده في هذه الصور إثبات قول بوجوب الحد وليس كذلك بل الصحيح عنده أنه لا خلاف في نفي الحد، انتهى.
(٥) في أ: الأبواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>