للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما سبق، فلو أرادوا إتمامها وكانوا في الحضر وقد جاءهم العدو فينبغي أن يفرق الإمام الناس فرقتين، ويصلي بكل طائفة ركعتين، ثم هل الأفضل أن ينتظر الثَّانِيَة في التشهد الأَوَّل، أو في القيام الثَّالث؟ فيه الخلاف المذكور في المغرب، ويتشهد بكل واحدة من الطائفتين بلا خلاف؛ لأنه موضع تشهدهما، ويتضح بما ذكرناه أن قوله: (وإن كان في صلاة رباعية في الحضر) ليس الحضر مذكوراً على سبيل الاشتراط، لجواز الإتمام في السَّفَرِ، لكن الغالب أن الإتمام لا يكون. إلا في الحضر، لأن القصَر أفضلُ مطلقاً عند الإمكان على الأصح، وأليق بحال الخوف، فلهذا قال في الحضر:

وقوله: (فليصل بكل طائفة ركعتين) معلّم بالميم؛ لأن في رواية عن مالك لا يجوز أن يصلي بهم الصلاة الرباعية كذلك.

لنا قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (١) الآية، لا فرق فيها بين السفر والحضر، ولو فرقهم أربع فرق، وصلى بكل فرقة ركعة، وذلك بأن يصلي بفرقة ركعة، وينتظر قائماً في الثانية، وينفردوا هم بثلاث، ويسلموا، ويذهبون، ثم يصلي الركعة الثانية بفرقة ثانية، وينتظر جالساً في التشهد الأول، أو قائماً في الثالثة، ويتموا لأنفسهم، ثم يصلّي بفرقة ثالثة، وينتظر في قيام الرابعة، ويتموا صلاتهم، ثم يصلي الرابعة بالفرقة الرابعة، وينتظرهم في التشهد الأخير إلى أن يتموا صلاتهم، ويسلم بهم فهل يجوز ذلك؟ فيه قولان:

أحدهما: لا؛ لأن الأصل أن لا يحتمل الانتظار في الصلاة أصلاً؛ لما فيه من شغل القلب، والإخلال بالخشوع، وقد ورد عن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتظاران فلا يزاد عليهما.

وأصحهما: نعم؛ لأن جواز انتظارين إنما كان للحاجة، وقد تقتضي الحاجة أكثر من ذلك بأن لا يكون في وقوف نصف الجند، في وجه العدو كفاية بل يحتاج إلى وقوف ثلاثة أرباعهم بكل حال.

التفريع: إن جوزنا فقد قال إمام الحرمين من شرطه (٢)، أن تمس الحاجة إليه، فأما إذا لم تكن حاجة فالحكم كما لو جرى ذلك في حالة الاختيار، والطائفة الرابعة على هذا القول كالطائفة الثانية في ذات الركعتين، فيعود الخلاف في أنهم يفارقونه قبل التشهد، أو يتشهدون معه ويقومون بعد سلام الإمام إلى ما عليهم كالمسبوق، وتتشهد الطائفة الثانية معه في أظهر الوجهين.


(١) تقدم.
(٢) سقط من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>