للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: ليس في حمل الجنازة الجنازة وسقوط مروءة بل هو بِرٌّ وأكرام للميت، وقد نقل ذلك عن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين- رضوان الله عليهم أجمعين- ولا يتولاَّه إلا الرِّجال ذكراً كان الميت أو أنثى، ولا يجوز الحمل على الهَيْئَات المُزْرِية ولا على الهيئة التي يخاف منها السُّقوط. إذا عرفت ذلك ففي الفصل ثلاث مسائل:

إحداها: في كيفية الحمل وقد نقل طريقان:

أحدهما: الحمل بين العَمُودين.

يُرْوَى أن النَّبي: "حَمَلَ جَنَازَة سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ" (١).

ومعناه: أن يتقدم رجل فيضع الخَشبَتَين الشَّاخِصَتَين وهما العمودان على عاتقيه، والخشبة المعترضة بينهما على كتفيه، ويحمل مؤخرة الجنازة رجلان:

أحدهما: من الجانب الأيمن، والثَّاني من الأيسر، ولا يمكن أن يتوسَّط الخشبتين واحد من مؤخرهما، فإنه لا يرى موضع قدميه، والطريق بين يديه حينئذ، فإن لم يستقلّ التقدم بالحمل أعَانه رجلان خارج العَمُودَين يضع كل واحد منهما واحداً على عاتِقِه فتكون الجنازة محمولة على خمسة.

والثاني: التَّرْبِيع، روي عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه قال: "إِذَا تَبعَ أَحَدُكُمْ جَنَازَةٌ فَلْيَأخُذْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الأَرْبَعَةِ ثُمَّ لِيَتَطَوَّعْ بَعْدُ أَوْ ليَذَرْ فَإِنَّهُ السُّنَّةَ" (٢).

والتَّرْبِيعُ: أن يتقدَّم رجلان فيضع أحدهما العمود الأيمن على عاتقه الأيسر، والآخر العمود الأيسر على عاتقه الأيمن، ولذلك يحمل العمودين من مؤخرها اثنان فتكون الجَنَازة على هذه الهَيْئة محمولة على أربعة.

وقد نقل عن نَصِّ الشَّافعي -رضي الله عنه- أن من أراد التَّبَرُّك يحمل الجنازة من جوانبها الأربعة بدأ بالعَمُود الأيسر من مؤخرها فحمله على عَاتِقِه الأيمن ثم يسلم إلى غيره، ويأخذ العمود الأيسر من مؤخِّرها فيحمله على العاتق الأيمن أيضاً ثم يتقدم فيعترض بين يديها لئلاً يكون ماشياً خلفها فيأخذ العمود الأيمن من مقدمها ويحمله على عاتِقِهِ الأيسر ثم يأخذ العمود الأيمن من مؤخرها، ولا شك أن ذلك إنما يتأتى والجَنَازة


(١) أخرجه الشافعي والبيهقي عنه معضلاً وأشار الشافعي إلى عدم ثبوته. انظر سنن البيهقي (٤/ ٢٠ - ٢١) خلاصة البدر (١/ ٢٥٨)، التلخيص (٢/ ١١٠).
(٢) أخرجه أبو داود الطيالسي (٧٨٤)، وابن ماجة (١٤٧٨)، والبيهقي (٤/ ١٩ - ٢٠) وقال ابن الملقن إسناده ضعيف منقطع. الخلاصة (١/ ٢٥٨) وأخرجه عبد الرزاق (٦٥١٧) والطبراني في الكبير (٩٥٩٧، ٩٥٩٨، ٩٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>