للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وجده وعمله؛ كما جاء في الحديث: "إنَّ أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه، والصدقة الجارية" [رواه أبو داود (٣٥٢٨)]، كما أنَّ الوقف ونحوه من أثر عمله، وقد قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢].

والعلم الذي نشره في الناس، إذا اهتدى به الناس من بعده هو أيضًا من سعيه وعمله، وجاء في صحيح مسلم (٢٦٧٤) أنَّ النَّيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أفضل العبادات ما وافق هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه.

قال ابن مسعود: من كان منكم مستنًّا، فليستن بمن مات، أولئك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والذي كان معروفًا عند لقرون المفضلة أنَّهم كانوا يعبدون الله تعالى بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها، ويدعُون للمؤمنين والمؤمنات -كما أمر الله بذلك- لأحيائهم وأمواتهم.

ولم يكن من عادتهم إذا صلوا تطوعًا، أو صاموا تطوعًا، أو حجوا، أو قرأوا القرآن -يُهدون ذلك لموتاهم المسلمين، بل كان عادتهم الدعاء لهم، فلا ينبغي للناس أن يَدَعو طريق السلف؛ فإنَّه أفضل وأكمل.

أما الفريق الذين يرون وصول ثواب الأعمال البدنية المحضة، فيقولون، ومنهم: ابن قدامة في "المغني" لما ذكر الأحاديث الدالة على وصول الدعاء، والصدقة، والحج ونحوها -قال:

وهذه أحاديث صحاح، فيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القُرب؛ لأنَّ الصوم والدعاء والاستغفار عبادات بدنية، وقد أوصل الله نفعها إلى الميت، فكذلك ما سواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>