للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرَّم الله تعالى؛ ذلك أنَّه تعالى هو الذي سيتولى يوم القيامة مخاصمة هؤلاء الثلاثة، ثم يخصمهم، وما ذاك إلاَّ لشدة جرمهم، وقبح فعلهم، وعظم ما اقترفوه.

الأول: حلف بالله تعالى، وعاهد باسمه، وأعطى الأمان والعهد بالله، ثم خان عهد الله وأمانته، فغدر، وفَجَرَ، ونكث العهد، والميثاق.

وقد أجمع العلماء على تحريم الغدر، وأنَّه من كبائر الذنوب، ولقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١].

كما نهى عن نكث العهد والميثاق, فقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: ١٣].

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقول لبعض قواد الجنود: "وإذا حاصرت أهل الحصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله، وذمة نبيه فلا تفعل، ولكن اجعل لهم ذمتك، فإنَّكم أن تخفروا ذممكم، أهون من أن تخفروا ذمة الله".

الثاني: من باع حرًّا، فأكل ثمنه، فاسترقاق الأحرار بلا موجبه الشرعي حرام، وفي بيعهم كما تباع السلع وأكل ثمنهم، إثمٌ مضاعف.

وعبَّر بالأكل؛ لأنَّه الغالب، وإلاَّ فغير الأكل مثله.

الثالث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ما استأجره عليه من عمل، ولم يعطه أجره، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يَجِفَّ عرقه" [رواه ابن ماجه (٢٤٤٣)]، مبالغةً في سرعة إعطائه حقه، وأجر تعبه وعمله.

وجاء في مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُغْفر لأمتي لآخر ليلةٍ من رمضان، قيل يا رسول الله: أهِي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنَّما يوفَّى أجره إذا قضى عمله".

٢ - ويدل الحديث على أنَّ تسليم الأجرة يكون عند فراغ الأجير من عمله، فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>