للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك الطهر، فيحصل دوام العشرة، ولذا جاء في بعض طرق الحديث: "فإذا تطهرت، مسَّها".

وقال ابن عبد البر: الرجعة لا تكاد تعلم صحتها إلاَّ بالوطء؛ لأنَّه المقصود في النكاح.

وأمَّا الحكمة في المنع من طلاق الحائض، فخشية طول العدة، وأمَّا الحكمة في المنع من الطلاق في الطهر المجامَع فيه، فخشية أن تكون حاملاً، فيندم الزوجان أو أحدهما، ولو علما بالحمل، لأحسنا العشرة، وحصل الاجتماع بعد الفرقة والنفرة، وكل هذا راجعٌ إلى قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]. ولله في شرعه حكمٌ، وأسرارٌ، ظاهرةٌ وخفيةٌ.

* خلاف العلماء في وقوع طلاق الحائض:

ذهب جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الأربعة -رضي الله عنهم- إلى وقوع الطلاق في الحيض، ودليلهم على ذلك أمره -صلى الله عليه وسلم- ابنَ عمر بإرجاع زوجته، حين طلَّقها حائضًا، ولا تكون الرجعة إلاَّ بعد طلاقٍ سابقٍ لها، ولأنَّ في بعض ألفاظ الحديث: "فحُسِبَت من طلاقها".

وذهب بعض العلماء -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم- إلى أن الطلاق لا يقع، فهو لاغٍ.

واستدلوا على ذلك بما رواه أبو داود والنسائي: "أن عبد الله بن عمر طلَّق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردَّها عليَّ، ولم يرها شيئًا".

وقد استنكر العلماء هذا الحديث؛ لمخالفته الأحاديث كلها.

وأجاب ابن القيم عن أدلة الجمهور: بأن الأمر برجعتها معناه إمساكها على حالها الأولى؛ لأنَّ الطلاق الذي لم يقع في وقته المأذون فيه شرعًا ملغيٌّ، فيكون النكاح بحاله.

وأمَّا الاستدلال بلفظ: "فحُسِبَت من طلاقها" فليس فيه دليل؛ لأنَّه غير

<<  <  ج: ص:  >  >>