للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-رحمهم الله تعالى- لم يقصدوا من الحضانة، إلاَّ بيان مصالح الطفل، ومن الأولى القيام بشؤونه وأحواله في هذه السن المبكرة من عمره.

واختلفوا في أحقية غير المسلم بحضانة المسلم:

فذهب الحنفية إلى: أنَّ الذمية أحق بحضانة ولدها المسلم، ما لم يعقل دينًا، وعللوا ذلك: بأنَّ الحضانة مبنية على الشفقة، والأم مسلمة، أو ذمية أتم شفقة على طفلها من غيره، ولا يرفع هذه الشفقة اختلافها معه في الدين.

أما إذا عقل الصغير الأديان، فإنه يُنزَع منها؛ لاحتمال حدوث الضرر.

وذهب المالكية أيضًا إلى: أنَّ اتحاد الدين بين الحاضن والمحضون، ليس بشرط في الحاضنة، فلا ينزع من حاضنته الذمية، ولو خيف أن تطعمه لم خنزير، أو تسقيه الخمر، ومع الخوف من هذا، فإنَّ الحاضنة تُضَم إلىا أناس من المسلمين، أو إلى مسلم يراقبها في الولد، لنجمع بين المصلحتين: حضانة الأم الشفيقة، ومراقبة دينه.

واستدلوا على هذا بحديث الباب؛ فإنَّ أم الطفل لم تُسلم.

وذهب الشافعية، والحنابلة، رواية قوية للإمام مالك إلى: أنَّ اختلاف الدين مانع من الحضانة، فلا حضانة لكافر على مسلم، قال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)} [النساء].

واستدلوا بحديث الباب؛ وذلك أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- دعا للصبي بالهداية، فمال إلى أبيه المسلم، وهذا يفيد أنَّ كونه مع الكافر خلاف هدي الله تعالى.

وعلَّلوا لذلك: بأنَّ الغرض من الحضانة هي تربيته، ودفع الضرر عنه، وأنَّ أعظم تربيةٍ هي المحافظة على دينه، وأهم دفاع عنه هو إبعاد الكفر عنه.

وإذا كان في حضانة الكافر، فإنَّه يفتنه عن دينه، ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر، وتربيته عليه، وهذا أعظم الضرر، والحضانة إنما تثبت لحفظ الولد، فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه، وهلاك دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>