للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - قوله: "أعوذ بك من شر ما صنعت" قال ابن القيم: أعوذ، بمعنى: ألتجيء وأعتصم وأتحرز، فالمستعيذ مستتر بمُعَاذ، ومستمسك به، ومعتصم به، والاستعاذة بقلب المؤمن معنى قائم وراء هذه العبارة التي ليست إلاَّ إشارة وتفهيمًا، وإلاَّ فما يقوم بالقلب حينئذٍ من الالتجاء، والاعتصام، والانطراح بين يدي الرب، والافتقار إليه، والتذلل بين يديه، أمرٌ لا تحيط به العبارة.

١١ - وقال أيضًا: المستعاذ به هو الله وحده الذي لا ينبغي الاستعاذة إلاَّ به، فلا يُستعاذ بأحد من خلقه؛ فهو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره، وقد أخبر الله تعالى في كتابه عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته طغيانًا.

١٢ - أنواع الشرور المستعاذ منها لا تخلو من قسمين: إما شر وقع به من غيره، وإما ذنوب وقعت منه يعاقب عليها؛ فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه، ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها، وهو أعظم الشرين، وأدومهما، وأشرهما اتصالاً بصاحبه.

والذنوب التي يستعيذ منها بهذا الحديث الشريف: هي من فعل العبد وقصده؛ فهو يستعيذ من شرها؛ لأنَّها موجبة للعقاب وللعقوبة، إلاَّ أن يعيذه ربه، ويغفر له، ويرحمه، وأقوى سبب لمنع شرها: التوبة النصوح.

١٣ - قوله: "أبوء لك بنعمتك عليَّ" هذا إقرارٌ واعتراف بنعم الله تعالى على عباده، بأنَّه وحده المنعم المتفضل، وأنَّه المستحق للحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى، وإفضاله الذي لا يحد ولا يعد.

١٤ - وفي الحديث دليل على أنَّ المقاصد لا ينبغي أن تطلب إلاَّ بوسائلها الصحيحة, وأسبابها الموصلة، أما التعلُّل بالخرافات، والبدع، والتوسُّلات الشركية والبدعية، فهي لا تزيد الإنسان من ربه إلاَّ بعدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>