للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألتان هامَّتان

[المسألة الأولى]

ما شرعه الله تعالى لعباده إنما شرعه لهم لمصلحةٍ تعودُ عليهم، بجَلْبِ ما فيه خيرٌ لهم، ودفع ما فيه شرٌّ عنهم، وهذه هي الحكمةُ المقتضيةُ لتشريع الأحكام؛ وإلاَّ فإن الله تعالى غنيٌّ عن العالمين، ومتعالٍ بكماله المُطْلَقِ أن يناله نفعٌ أو ضرر.

والعِلَّةُ الباعثةُ على التشريع قد تكونُ خفيَّة؛ لذا فإنَّ المدارَ هو وجوبُ المتابعةِ والإذعانِ والخضوعِ لأمر الله؛ كما أنَّ الأحكامَ تدار على ما يظهر من الأوصاف الظاهرة المنضبطة التي يُظَنُّ وجودُ الحكمة معها، وسمِّيَتْ تلك الأوصافُ بالعللِ الشرعية. فإنَّ العلة هي الوصف الظاهر المنضبط الذي يُظَنُّ وجود الحكمة الباعثة على التشريع معه غالبًا.

لذا كان دوران الحكم مع علته أضبَطَ وأبعَدَ عن الاضطراب والخلل فيها.

ومن هنا فإن القاعدة هي: "أن مناطَ الأحكام المَظَانُّ الكلية".

[المسألة الثانية]

مقاصد الشارع من وَضْعِ الشريعة تنحصرُ في ثلاثة أقسام، هي:

الأول: المقاصدُ الضروريَّة، وهي حفظُ الدين، والعقل، والنفس، والعرض، والنسل، والمال، وحفظُهَا بما يقيمُ أركانَهَا، ويضمَنُ بقاءها، وبما يخلِّصها من الخَلَلِ الواقع بها، ويدرأ عنها الخللَ المتوقَّعَ في المستقبل:

فقد شُرع الجهادُ: لحفظ الدين، وضمان بلاغه، والقصاص: لحفظ النفس، والقطع: لحفظ المال، والحد في الزنى: لصون العرض وحفظ النسل، وحد المسكر: لحفظ العقل.

الثاني: المقاصد الحاجية، وهي ما يقع محلَّ الحاجة، ولم يصل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>