للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو إليه.

فأمَّا بطلانُ العباداتِ: فظاهر.

وأمَّا العادات: فذلك من حيث عدم ترتُّب الثواب على مقتضى الأمر والنَّهي؛ فوجودُهَا في ذلك وعدَمُهَا سواء.

الثانية: أنَّ اتباع الهوى طريقٌ مذمومٌ وإنْ جاء في ضمن المحمود؛ لأنَّه إذا تبيَّن أنَّه مضادٌّ بوضعه لوضعِ الشريعة، فحيثما زاحَمَ مقتضاها في العمل، كان مخوفًا؛ لأنَّه سبَبُ تعطيلِ الأوامر وارتكابِ النَّواهي؛ ولأنَّه إذا اتُّبعَ رُبَّما أحدث للنَّفْسِ ضراوة.

الثالثة: أنَّ اتباع الهوَى في الأحكام الشرعية مَظِنَّةٌ لأنْ يَحْتالَ بها على أغراضه.

[المسألة الثانية: تقسيم المقاصد إلى أصلية وتبعية]

المقاصد الشرعية ضربان: مقاصد أصلية، ومقاصد تبعية:

فأمَّا المقاصد الأصلية فهي التي لا حظَّ فيها للمكلَّف، وهي الضروريَّات المعتبرة في كلِّ ملة، وإنَّما قلنا: إنَّها لا حظَّ فيها للعبد؛ لأنَّها قيامٌ بمصالحَ عامَّةٍ.

وأمَّا المقاصد التَّابعة: فهي التي رُوعِيَ فيها حَظُّ المكلَّف، فمن جهتها يحصُلُ له مقتضى ما جُبِلَ عليه من نَيْلِ الشَّهوات، والاستمتاعِ بالمباحاتِ، وَسَدِّ الخلات.

وذلك أنَّ حكمة الله حَكَمَتْ أنَّ قيامَ الدِّين والدنيا إنَّما يصلُحُ ويستمرُّ بدواعٍ من قِبَلِ الإنسانِ تَحْمِلُهُ على اكتساب ما يحتاجُ إليه؛ فخلَقَ له شهوةَ الطعام والشَّراب إذا مسَّه الجوعُ ليحرِّكه ذلك الباعث إلى التسبُّب في سدِّ هذه الخلَّة بما أمكنه، وهكذا بقيَّةُ الشهواتِ هي الأسبابُ الموصِّلة إليها.

ثُمَّ خَلَق الجنَّة والنَّار، وأرسل الرُّسُلَ؛ ليبيِّنوا أنَّ الاستقرار ليس هنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>