للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفاحًا-: فقد جعل ما قصَدَ الشارعُ مهمَل الاعتبار، وما أهملَ الشارعُ مقصودًا معتبرًا وذلك مضادة للشريعة ظاهرة.

الثاني: أنَّ حاصل هذا القصد يرجع إلا ما رآه الشارع حسنًا، فهو عند هذا القاصد ليس بحسن، وما لم يره الشارع حسنًا، فهو عنده حسن؛ وهذه مضادَّة أيضًا.

الثالث: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء، الآية: ١١٥]؛ قال عمر بن عبد العزيز: سنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر من بعده سننًا؛ من أخذ بها فهو مهتد، ومن خالفها اتَّبع غير سبيل المؤمنين.

الرابع: الآخذ بالمشروع من حيث لم يقصد به الشارع ذلك القصد آخِذٌ في غير مشروع حقيقة؛ لأنَّ الشارع إنما شرعه لأمر معلوم بالفرض، فإذا أخذ بالقصد إلى غير ذلك الأمر المعلوم، لم يأت بذلك المشروع أصلاً، وإذا لم يأت به، ناقضِ الشارعَ في ذلك الأخذ من حيث صار كالفاعلِ لغير ما أمر به والتاركِ لما أَمَرَ به.

[قصد المكلف العمل أقسام]

التكاليف إذا علم قصد المصلحة فيها، فللمكلَّف في الدخول تحتها ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يقصد بها ما فهم من مقصد الشارع في شرعها؛ فهذا لا إشكال في موافقته، ولكن ينبغي أن لا يخليه من قصد التعبد، فكم من فهم المصلحة فلم يلو على غيرها من قصد التعبد، فهي غفلة تفوِّت خيرات كثيرة، بخلاف ما إذا لم يهمل التعبد.

الثاني: أن يقصد بها ما عسى أن يقصده الشارع مما اطَّلع عليه أو لم يطَّلع عليه، كأن ينوي من هذا العمل ما قصده الشارع من شرعه، وهذا أكمل

<<  <  ج: ص:  >  >>