للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الرأي الشرعي في "الفحص الطبي قبل الزواج":

لا شك أنه لم تكن هناك حاجة لبحث هذه المسألة قديمًا، لما تميز به المسلمون الأولون من الأمانة في الإخبار عن العيوب من جهة، ولعدم وجود التقدم العلمي الذي يمكنهم من إجراء هذا الفحص من جهة أخرى وأما العلماء المعاصرون فلهم في هذه المسألة اتجاهان:

الاتجاه الأول: منع هذا الفحص، وأنه لا حاجة إليه، وممن رأى هذا العلَّامة ابن باز -نوَّر الله قبره- ومأخذه أنه ينافي إحسان الظن بالله، وأن هذا الفحص قد يعطي نتائج غير صحيحة (١).

الاتجاه الثاني: أنه جائز، ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وبهذا قال الأكثرون ورأوا أنه ليس فيه ما يتعارض مع الشرع، ولا ما يتعارض مع الثقة بالله، لأنه ضرب من الأخذ بالأسباب وقد قال عمر رضي الله عنه حين وقع الطاعون بالشام: "أفرُّ من قدر الله إلى قدر الله" (٢).

قلت: لعلَّ هذا هو الأقرب مع بعض التحفُّظات. ويمكن الاستدلال على جوازه بما يأتي (٣):

١ - أن حفظ النسل من الكليات الخمس التي تضافرت النصوص على الاهتمام بها والدعوة إلى رعايتها، وقد قال زكريا عليه السلام: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} (٤).

ودعا المؤمنون ربهم {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} (٥).

فلا مانع من حرص الإنسان على أن يكون نسله صالحًا غير معيب ولا مشوَّه.

٢ - حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوج زوجته من عائلة نعرف بناتها بالإنجاب، فقال صلى الله عليه وسلم: "تزوَّجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم" (٦) مما يدل على أهمية عنصر الاختيار على أسس صحة النسل والولادة المستقبلية.


(١) «جريدة المسلمون» ٥٩٧ بتاريخ ١٢ يوليو ١٩٩٦ (ص: ١١) من «السابق» (ص: ٩٢).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري.
(٣) «مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق» (ص: ٩٣ - ٩٧) بانتفاء واختصار.
(٤) سورة آل عمران: ٣٨.
(٥) سورة الفرقان: ٧٤.
(٦) صحيح: تقدم في أول الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>