للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوجه آخر، لأنها إذا أعتقت ملكت نفسها، فكيف يلزمها النكاح؟ وأجابوا باحتمال الخصوصية، لكثرة اختصاصه صلى الله عليه وسلم في باب النكاح!! (١).

قلت: الأظهر جواز أن يكون العتق صداقًا للحديث السابق، والأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم أنها للتأسي إلا ما دلَّ الدليل على الخصوصية كزواج الهبة والزيادة على الأربع، وما ذكروه من معارضة الأصول لا يُعارض به هذا الحديث، والله أعلم.

٤ - هل يكون الإسلام مهرًا؟

عن أنس قال: "تزوَّج أبو طلحة أمَّ سليم، فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمتُ فإن أسلمتَ نكحتُك، فأسلم فكان صداق ما بينهما" (٢).

وفيه حجة لمن أجاز أن يكون إسلام الرجل مهرًا، إلا أن أبا محمد بن حزم طعن في هذا الاستدلال بأمرين:

١ - أن ذلك كان قبل الهجرة بمدة، لأن أبا طلحة قديم الإسلام، من أول الأنصار إسلامًا، ولم يكن نزل إيجاب إيتاء النساء صدقاتهن بعد.

٢ - أنه ليس في الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ذلك (٣).

* أقل المهر وأكثره:

١ - لا حدَّ لأكثر المهر: اتفق أهل العلم -لا خلاف بينهم- على أنه لا حد لأكثر ما يدفعه الرجل مهرًا لزوجته (٤).

قال شيخ الإسلام: "ومن كان ذا يسار ووجد فأحب أن يعطي امرأته صداقًا كثيرًا فلا بأس بذلك، كما قال الله تعالى: {وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا} (٥). أما من يشغل ذمته بصداق لا يريد أن يؤديه، أو يعجز عن وفائه فهذا مكروه ... " اهـ (٦).

٢ - ولا حدَّ لأقلِّ المهر على الراجح: فيصحُّ الصداق بكل ما يسمى مالًا أو ما


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٧)، وانظر «المحلي» (٩/ ٥٠١ - ٥٠٧) ففيه بحث نفيس.
(٢) صحيح: أخرجه النسائي (٦/ ١١٤).
(٣) «المحلي» (٩/ ٤٩٩ - ٥٠٠).
(٤) «الاستذكار» لابن عبد البر (١٦/ ٦٥)، و «الحاوي» للماوردي (١٢/ ١١).
(٥) سورة النساء: ٢٠.
(٦) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>