للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ألا لا تغلوا صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقته امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت لكم علق القربة" (١).

* وعن عائشة لما سئلت: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشًّا، (والنش: نصف أوقية) فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه" (٢).

قال شيخ الإسلام: "فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هنَّ خير خلق الله في كل فضيلة وهنَّ أفضل نساء العالمين في كل صفة -فهو جاهل أحمق، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة" (٣).

٢ - إذا كان في المغالاة تكليف للزوج بما لا يطيق فهو مذموم:

ففي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل تزوج امرأة من الأنصار: "على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "على أربع أواقٍ؟ كأنما تنحتون من عُرض هذا الجبل ... " (٤).

وعن أبي حدرد الأسلمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في مهر امرأة، فقال: "كم أمهرتها؟ " قال: مائتي درهم، فقال: "لو كنتم تغرفون من بُطحان ما زدتم" (٥).

فهذا إنكار من النبي صلى الله عليه وسلم على إكثار المهر بالنسبة لحال هؤلاء الأزواج لأنه تقدم أن مهر بناته وأزواجه كان أكثر من ذلك، فالعبرة بحال الزوج.

٣ - إذا كان الرجل ميسورًا غنيًّا فله أن يكثر صداق زوجته:

"فقد زوَّج النجاشي أم حبيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهرها عنه أربعة آلاف


(١) أبو داود (٢١٠٦)، والترمذي (١١١٤)، والنسائي (٦/ ١١٧)، وابن ماجة (١٨٨٧) وهو صحيح.
(٢) مسلم (١٤٢٦)، والنسائي (٦/ ١١٦)، وابن ماجة (١٨٨٦).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٩٢ - ١٩٤).
(٤) مسلم (١٤٢٤)، والنسائي (٦/ ٦٩).
(٥) أحمد (٣/ ٤٤٨)، والبيهقي (٧/ ٢٣٥) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>