للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستحلفه بالله الذي لا إله إلا هو أنه طلَّق وما يعقل، فحلف، فردَّ عليه امرأته وضربه الحد" (١).

٧ - "من سكر بشرب محرَّم فلا ريب أنه يأثم بذلك، ويستحق من عقوبة الدنيا والآخرة ما جاء به أمر الله تعالى، فهذا الفرق ثابت بينه وبين من سكر سكرًا يُعذر فيه، لكن كون عهده الذى يعاهد به الآدميين يترتب عليه أثره ويحصّل مقصوده، فهذا لا فرق فيه بين سكر المعذور وغير المعذور، لأن هذا إنما كان الموجب لصحته أن صاحبه فَعَله وهو عاقل مميِّز، لا أنه برٌّ وفاجر، والشرع لم يجعل السكران بمنزله الصاحى أصلًا" (٢).

قلت: القول بعدم وقوع طلاق السكران مطلقًا أرجح وأليق بمقاصد الشريعة وأصولها، ثم إنه لا فرق بين زوال العقل بمعصية أو غيرها، فإن من كَسَرَ ساقيه يجوز له أن يصلي قاعدًا، ومن ضربتْ بطن نفسها -وهي حامل- فنفست سقطت عنها الصلاة، وهذا هو القول المعمول به في المحاكم المصرية، والله أعلم.

[٤] القصد والاختيار: والمراد به هنا: إرادة التلفظ بلفظ الطلاق (٣) باختياره من غير إجبار، ولو لم ينوه، فلا يقع طلاق فقيه يُعلِّم طلابه ولا حاك عن نفسه أو غيره، لأنه لم يقصد معناه وإنما قصد التعليم أو الحكاية، ولا طلاق أعجمي لُقِّن لفظ الطلاق بلا فهم منه لمعناه، وهذا متفق عليه (٤).

وأما المخطئ، والمكره، والغضبان، والسفيه، والمريض، فقد اختلف أهل العلم في صحة طلاقهم:

(أ) طلاق المخطئ (٥):

وهو من لم يقصد التلفظ بالطلاق أصلًا، وإنما قصد لفظًا آخر فسبقه لسانه إلى الطلاق من غير قصد، كأن يريد أن يقول لزوجته: أنت طاهر، فإذا به يخطئ


(١) إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور (١١١٠)، وابن أبي شيبة (٥/ ٣٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٠٨).
(٣) وليس المراد هنا: النية لإيقاع الطلاق وإنما انتقاؤه للفظ الطلاق وإن لم يُرِدْ إيقاعه، فلينتبه!!
(٤) «فتح القدير» (٣/ ٣٩)، و «القوانين» (ص ٢٣٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٨٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٦٣).
(٥) «ابن عابدين» (٣/ ٢٣٠)، و «الدسوقي» (٢/ ٢٦٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٨٧)، و «المغني» (٧/ ١١٨)، و «المحلي» (١٠/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>