للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢] طلاق البدعة: وهو المخالف لطلاق السنة، سواء كانت المخالفة من جهة وقت إيقاع الطلاق، أو من جهة عدد التطليقات التي يوقعها.

فإن طلق امرأته وهي حائض، أو طلقها بعدما طهرت لكن جامعها في هذا الطهر، أو طلقها ثلاثًا في طهر فهو طلاق بدعة، وهو محرم، يأثم فاعله في قول عامة أهل العلم.

حكم الطلاق البدعي:

١ - هل يقع طلاق البدعة؟ تقدم فيما مضى تحرير حكم وقوع طلاق البدعة من حيث العدد، والمراد هنا تحرير: «هل يقع الطلاق في الحيض؟ وهل يحسب الطلاق في الحيض تطليقة؟» فأقول:

اختلف أهل العلم في وقوع الطلاق في الحيض - بعد الاتفاق على أنه مُحرَّم يأثم فاعله - على قولين:

الأول: أن الطلاق في الحيض يقع ويُحسب: وهو قول عامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم (١)، وحجتهم ما يلي:

١ - حديث ابن عمر في تطليقه امرأته وهي حائض وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «مُرْه فليراجعها ...» (٢) والمراجعة لا تكون إلا من طلاق قد وقع.

وأجاب المخالفون: بأن الأمر بالمراجعة لا يستلزم وقوع الطلاق، بل لما طلقها طلاقًا محرَّمًا حصل منه إعراض عنها ومجانبة لها، لظنه وقوع الطلاق، فأمره أن يردَّها إلى ما كانت عليه.

٢ - عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ليراجعها» قلت - أي أنس لابن عمر -: تحتسب؟ قال: «فمه؟!» (٣).

قال الحافظ في «الفتح» (٩/ ٢٦٥ سلفية): قوله (فمه) أصله (فما) وهو استفهام فيه اكتفاء، أي: فما يكون إن لم تحتسب، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية وهي كلمة تقال للزجر، أي: كفَّ عن هذا الكلام فإنه لابد

من وقوع الطلاق


(١) «ابن عابدين» (٣/ ٢٣٢)، و «المبسوط» (٦/ ٥٧)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٣٠٨)، و «المجموع» (١٥/ ٣٩٨)، و «المغني» (٧/ ٣٦٦).
(٢) صحيح: تقدم مرارًا.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥٢٥٢)، ومسلم (١٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>