للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا طلقها طلاقًا بائنًا - في حال صحته أو بناء على طلبها - ثم توفي عنها، فإنها تكمل عدة الطلاق، ولا تنتقل إلى عدة الوفاة، لانقطاع الزوجية بينهما من وقت الطلاق بالإبانة، فلا توارث بينهما لعدم وجود سببه، فتعذَّر إيجاب عدة الوفاء وبقيت عدة الطلاق على حالها.

ولو طلقها طلاقًا بائنًا في مرض موته، ففيه خلاف مبناه على ما تقدم من الخلاف في بقاء النكاح حكمًا في حق الإرث لتهمة الفرار - وقد تقدم - فمن قال ترثه لشبهة قيام الزوجية، قال: تعتد بأبعد الأجلين احتياطًا، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد والثوري.

ومن قال: الإرث الذي ثبت معاملة بنقيض القصد لا يقتضي بقاء الزوجية، وأنها حينئذٍ بائن من النكاح، قال: ليس عليها عدة وفاة، وهو قول مالك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر، قلت: وهذا أقرب، والله أعلم.

(٤) تحول العدة من القروء أو الأشهر إلى وضع الحمل:

إذا ظهر أثناء العدة بالقروء أو الأشهر، أو بعدها، أن المرأة حامل من الزوج، فإن العدة تتحول إلى وضع الحمل، ويسقط حكم ما مضى من القروء والأشهر، ولا يكون ما رأته من الدم حيضًا، ولأن وضع الحمل أقوى دلالة على براءة الرحم من آثار الزوجية التي انقضت، ولقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} (١). وبهذا قال جمهور الفقهاء.

مكان العِدَّة (أين تعتدُّ المرأة؟» (٢):

[١] بالنسبة للمعتدة من طلاق أو فسخ:

ذهب جمهور العلماء إلى أن المعتدَّة من طلاق أو فسخ تعتد في مسكن الزوجية الذي كانت تسكنه قبل مفارقة زوجها، وهذا وجب عليها بطريق التعبد، فلا يسقط بالتراضي أو غيره، إلا بعذر شرعي، وكذلك لا يجوز لزوجها أن يخرجها عنه حتى تنقضي العدة لقوله تعالى: {واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} (٣).


(١) سورة الطلاق: ٤.
(٢) «البدائع» (٣/ ٢٠٠)، و «فتح القدير» (٤/ ٣٤٤ - الحلبي)، و «الدسوقي» (٢/ ٤٨٤)، و «التاج والإكليل» (١/ ٣٩١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٠١)، و «روضة الطالبين» (٨/ ٤١٠)، و «المغني» (٩/ ١٧٠)، و «نيل الأوطار» (٧).
(٣) سورة الطلاق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>