للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتدت به} ثم قال سبحانه: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره} (١) فلو كان الخلع طلاقًا لكان عدد التطليقات أربعًا.

وهذا هو فهم ابن عباس للآية الكريمة: فقد سئل عن رجل طلَّق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه، أيتزوجها؟ قال ابن عباس: «ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق، ينكحها» (٢) وقد أجيب عن الآية: بأن الله تعالى ذكر التطليقة الثالثة بعوض وبغير عوض، وبهذا لا يصير الطلاق أربعًا.

٢ - وعن عكرمة عن ابن عباس قال: «ما أجازه المال فليس بطلاق» (٣).

٣ - حديث الربيِّع بنت معوَّذ قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألته: ماذا عَلَيَّ من العدَّة؟ فقال: «لا عدة عليك إلا أن تكوني حديثة عهد به فتمكثي حتى تحيضي حيضة» قال: «وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مريم المغالية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فاختلعت منه» (٤).

وقد رُوي عن ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عدَّتها حيضة» (٥) وفيه ضعف.

ووجه الدلالة منهما: أن الخلع لو كان طلاقًا لم يقتصر - صلى الله عليه وسلم - على الأمر بالاعتداد بحيضة، وهذا أقوى أدلة هذا القول.

الراجح: والذي يظهر أن كون الخُلع فسخًا لا طلاقًا هو الأقوى، والله أعلم.

ثمرة الخلاف السابق وأثره:

يتفرَّع على القول بأن الخُلع فسخٌ وليس بطلاق، ألا يُحسب من التطليقات الثلاث، فلو خالعها بعد تطليقتين فله أن يتزوَّجها، حتى وإن خالعها مائة مرة.


(١) سورة البقرة: ٢٢٩، ٢٣٠.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٦/ ٤٨٧)، وسعيد بن منصور (١٤٥٥)، والبيهقي (٧/ ٣١٦).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١١٧٦٨).
(٤) صحيح لطرقه: أخرجه النسائي (٦/ ١٨٦)، وابن ماجة (٢٠٥٨) وله طرق وشواهد.
(٥) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٢٢٩)، واختلف في وصله وإرساله، وفيه عمرو بن مسلم: ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>