للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لم يكفِّر عن يمينه ومضى في إيلائه، فيجب على الزوجة أن تصبر حتى تنقضي مدة إيلائه التي سمَّاها، وليس لها أن تطالبه بالطلاق.

٢ - أن تكون هذه المدة أكثر من أربعة أشهر: فالأفضل له - كذلك - أن يطأها ويكفِّر عن يمينه، فإذا لم يفعل، فيجب على الزوجة أن تصبر حتى تمضي أربعة أشهر ثم يكون لها الحق في مطالبته بالجماع أو بالطلاق كما سيأتي:

إذا انقضت الأربعة أشهر ولم يرجع، فماذا يجب؟

قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإن فَاءُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢٢٦) وإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١).

وقد اختلف أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم في مسألة الباب نظرًا لاختلافهم في فهم الآية الكريمة حتى قال ابن العربي - رحمه الله -: «اختلف الصحابة والتابعون في وقوع الطلاق بمضي المدة، هذا وهم القدوة الفصحاء اللُّسن البلغاء من العرب العُرْب، فإذا أشكلت عليهم، فمن ذا الذي يتضح له منا بالأفهام المختلة واللغة المعتلَّة؟ ...» اهـ (٢).

وبناء على هذا، كان لأهل العلم قولان (٣):

الأول: أنه بمجرد مُضِيِّ المدة وعدم فيئته - تقع طلقة واحدة: والقائلون بهذا منهم من قال تقع طلقة بائنة، وهو قول ابن عباس وابن مسعود وعكرمة وجابر بن زيد وعطاء والحسن والنخعي والأوزاعي، وهو مذهب الحنفية.

ومنهم من قال: تقعُ واحدة رجعية، وهو قول أبي بكر بن عبد الرحمن ومكحول والزهري واحتجوا جميعًا على وقوع الطلاق بمضي المدة، بما يلي:

١ - ابن مسعود قرأ: {فإن فاءوا - فيهن - فإن الله غفور رحيم}.

٢ - أن الله تعالى جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر، فلو كانت الفيئة بعدها، لزادت على مدة النص، وذلك غير جائز.

٣ - أنه لو وطئها في مدة الإيلاء، لوقعت الفيئة، فدلَّ على استحقاق الفيئة فيها.


(١) سورة البقرة: ٢٢٦، ٢٢٧.
(٢) «أحكام القرآن» لأبي بكر بن العربي (١/ ١٨٠).
(٣) «البدائع» (٣/ ١٧٦)، و «فتح القدير» (٣/ ١٨٤)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٣٦٩)، و «الأم» (٥/ ٢٥٦)، و «المغني» (٧/ ٣١٨)، و «زاد المعاد» (٥/ ٣٤٥ - ٣٥٠) وفيه بحث مستفيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>