للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم -جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا، قال: فقال: لأقولن شيئًا أُضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، لو رأيتَ بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «هنَّ حولي كما ترى يسألنني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ما ليس عنده؟ فقلن: والله لا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا أبدًا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا ...» (١).

قالوا: فهذا أبو بكر وعمر يضربان بنتيهما بحضرته - صلى الله عليه وسلم -لما سألتاه النفقة التي لا يجدها، فلو كان الفسخ لهما وهما طالبتان للحق لم يُقر النبي - صلى الله عليه وسلم -الشيخين على ما فعلا، ولبيَّن أن لهما أن تطالبان مع الإعسار حتى تثبت على تقدير ذلك المطالبة بالفسخ.

وأجيب: بأن ضرب أبي بكر وعمر كالآية دلت على عدم وجوب عليه - صلى الله عليه وسلم -وليس فيه أنهن سألن الطلاق أو الفسخ، ومعلوم أنهن لا يسمحن بفراقه، فإن الله تعالى قد خيرهن فاخترن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -والدار الآخرة، فلا دليل في القصة، ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم -لا يفرط فيما يجب عليه من الإنفاق فلعلهم طلبن زيادة على ذلك، فتخرج القصة عن محل النزاع بالكلية.

٤ - أنه كان في الصحابة المعسر بلا ريب، ولم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -أحدًا منهم بأن للزوجة الفسخ، ولا فسخ أحد. وأجيب: بأنه لم يُعلم أن امرأة طلبت الفسخ أو الطلاق لإعسار الزوج بالنفقة ومنعها عن ذلك حتى تكون حجة، بل كان نساء الصحابة كرجالهن يصبرن عل ضنك العيش وتعسُّره، كما قال مالك: إن نساء الصحابة كنَّ يردن الآخرة فلم يكن يبالين بعسر أزواجهن.

٥ - ولأنها لو مرضت الزوجة، وطال مرضها حتى تعذر على الزوج جماعها لوجبت نفقتها ولم يكن من الفسخ، وكذلك الزوج، فدل على أن الإنفاق ليس في مقابلة الاستمتاع كما قال الأولون.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>