للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: شروط المقذوف: (كون المقذوف محصنًا):

يشترط في المقذوف - الذي يجب الحدُّ بقذفه من الرجال (١) والنساء - أن يكون محصنًا.

وقد اختلف أهل العلم في شروط المقذوف بناء على اختلافهم في معنى «الإحصان» في قوله تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} (٢).

فمنهم من رأى أن «الإحصان» في القذف معناه: (البلوغ والعقل والحرية والإسلام والعفة عن الزنا) وهو قول جمهور الفقهاء، فجعلوا هذه الخمسة شروطًا للمقذوف.

ومنهم من جعل «الإحصان» بمعنى «المنع» كما ورد في لغة العرب، فلم يجعل البلوغ ولا العقل ولا الحرية من شروط الإحصان، وهو قول ابن حزم، قال: «لأن الصغار والمجانين والعبيد محصونون بمنع الله تعالى لهم من الزنا، وبمنع أهليهم، وكذلك بعفَّتهم عن الزنا» (٣).

قلت: ومن هنا يتبيَّن أن شروط المقذوف (شروط الإحصان) منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه.

(أ) شرط متفق عليه:

١ - العفة عن الزنا: فيشترط أن يكون المقذوف عفيفًا عن الفاحشة التي رمى بها، سواء كان عفيفًا عن غيرها أم لا.

(ب) شروط مختلف فيها:

٢ - الإسلام: فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه يشترط في المقذوف أن


(١) قال الحافظ في «الفتح» (١٢/ ١٨١): «وقد انعقد الإجماع على أن حكم قذف المحصن من الرجال حكم قذف المحصن من النساء» اهـ. قلت: وإنما خصت الآية النساء بالذكر لأن قذفهن أشنع والعار فيهن أعظم، ومن العلماء من قال: إن الآية تعم الرجال والنساء والتقدير فيها (والذين يرمون الأنفس المحصنات) وقيل: أراد بالمحصنات: الفروج، والله أعلم.
(٢) سورة النور: ٢٣.
(٣) «المحلي» لابن حزم (١١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>