للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبوت حدِّ القذف:

يثبت القذف بأحد بأمرين (١):

(١) إقرار القاذف: فإن أقرَّ على نفسه مرةً وجب عليه الحد، لكون إقرار المرء لازمًا له.

فإن أقرَّ بالقذف ثم رجع لم يُقبل رجوعه؛ لأن للمقذوف فيه حقًّا، فيكذبه في

الرجوع، بخلاف ما هو خالص حق الله تعالى، لأنه لا مكذب له فه فيقبل رجوعه.

(٢) شهادة عدلين: ولا تقبل - في القذف - شهادة النساء مع الرجال في قول عامة الفقهاء، فعن الزهري قال: جرت السنة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود».

ومما يؤيد ذلك أن الحدود تدرأ بالشبهات، وقد قال الله في شأن النساء: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (٢).

ولا تقبل فيه الشهادة على الشهادة، ولا كتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن موجبه حدٌّ يندرئ بالشبهات، وهو قول النخعي والشعبي وأبي حنيفة وأحمد.

وقال مالك وأبو ثور والشافعي - في المذهب -: تقبل الشهادة على الشهادة، وفي كل حق؛ لأن ذلك يثبت بشهادة الأصل، فيثبت بالشهادة على الشهادة، كما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي.

فائدة: لو ادَّعى على رجل أنه قذفه فأنكر المدعي عليه:

ففي هذه المسألة مذهبان (٣):

الأول: يستحلف، وبه قال الزهري وإسحاق وأبو ثور، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، واختاره ابن المنذر، قالوا: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اليمين على المدعى عليه» (٤) ولأنه حق آدمي فيستحلف فيه كالدين.


(١) «المبسوط» (٩/ ١١١)، و «فتح القدير» (٤/ ١٩٩)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ١٣٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٧، ٤٤٢)، و «المغني» (٩/ ٢٠٦).
(٢) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٣) انظر: «المغني» (٩/ ٩٠ - الفكر).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٢٥١٤)، ومسلم (١٧١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>