للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويجاب عن استدلالهم بقوله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} قال القرطبي: قال علماؤنا: المراد من الآية تحمل الثواب والعقاب دون أحكام الدنيا بدليل قوله في نفس الآية {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .. اهـ.

• سببُ اختلافهم:

قال ابن رشد: وسبب الخلاف المسألة المشهورة: هل إذا ورد النهىُ على سبب حمل على سببه، أو يعم؟

قلت: وذهب الجمهور: "أن اللفظ العام إذا ورد على سبب خاص فهو على عمومه حتى يدل الدليل على إرادة القصر على السبب. فكل آية نزلت جوابًا لسؤال أو فصلًا في واقعة وكذا كل حديث ورد على نحو ذلك فلا تأثير لذلك السبب في إجراء الحكم على كل ما أفاده لفظ العموم، وذلك كنزول آيات اللعان في قصة عويمر العجلانى وهلال بن أمية، فحكمها عام للأمة بناء على هذا الأصل" (١).

وعلى هذا فحديث النهى عن بيع ما لا يملكه المرء عام فيشمل بيع الفضولي وغيره.

• القول الراجح في بيع الفضولي:

بعد العرض لأدلة الفريقين -القائلين بالجواز والقائلين بعدمه- يتبين لنا أن بيع الفضولي جائز مع وقوف نفاذه على إجازه المالك. والله أعلم.

القول في شراء الفضولي (٢)

اختلف العلماء في شرائه على ثلاثة أقوال:

الأول: شراؤه صحيح إن رضي المشترى له، وإلا لم يصح وبه قال مالك.

الثانى: أنه غير صحيح وبه قال الشافعي وأبو حنيفة.

الثالث: أنه لا يصح إلا إن اشترى في ذمته ونوى الشراء لشخص لم يسمه فيصح، سواء نقد الثمن من مال الغير أم لا وهذا قول الحنابلة. قلت: وهذا خارج عن بيع الفضولي لأنه لا يدل على أنه تصرف في ملك غيره. اهـ.


(١) تيسير علم أصول الفقه (ص ٢٧٦).
(٢) الموسوعة الكويتية (جـ٩)، وبداية المجتهد (٢/ ص ٢٧٠)، الشرح الممتع (٨/ ١٤٧، ١٤٨) الإنصاف (٤/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>