للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأشياء العظيمة الخطر: فيستحب كتابة عقدها وذلك لما أخرجه أبو داود والترمذي. عن عبد المجيد بن وهب قال: قال لي العداء بن خالد بن هوذة: ألا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: قلت: بلى فأخرج لي كتابًا: هذا ما اشترى العدَّاء بن خالد بن هوذة من محمَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اشترى منه عبدًا أو أمة، لا داء ولا غائلة ولا خُبثه، بيعَ المُسلمُ المسلمَ" (١) وقال بهذا: أبو بكر بن العربى.

• هل يجب الإشهاد على عقد البيع (٢):

اختلف الناس في الأمر الوارد في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (٣) هل هو للوجوب أو للندب على قولين:

• الأول: أنه للوجوب، وبه قال أبو موسى الأشعرى وابن عمر والضحاك وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وداود بن علي وابنه أبو بكر، وعطاء وإبراهيم النخعى وجابر بن زيد ورجحه ابن جرير وانتصر له ابن حزم واستدلوا: بظاهر الأمر، ولأنه عقد معاوضة فوجب الإشهاد عليه كالنكاح.

• الثاني: أن الأمر للندب: وبه قال أبو سعيد الخدرى وأبو أيوب والحسن والشعبي والشافعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي وزعم ابن العربى بأنه قول الكافة وصححه وكذا القرطبي.

واستدلوا:

١ - بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- باع ولم يشهد كما في حديث العداء بن خالد المتقدم.

٢ - وبأنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعه (٤) ولو كان الإشهاد واجبًا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة واشترى من أعرابي فرسًا فجحده الأعرابي حتى شهد له خزيمة بن ثابت (٥)، ولم ينقل أنه أشهد في شيء من ذلك.

٣ - أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عروة بن الجعد أن يشترى له أضحية ولم يأمره بالإشهاد، وأخبره عروة أنه اشترى شاتين فباع إحداهما ولم ينكر عليه ترك الإشهاد (٦).


(١) حسن: أخرجه الترمذي (١٢١٦) وابن ماجة (٢٢٥١).
(٢) إعلاء السنن (١٤/ ٧، ٨) تفسير القرطبي (٣/ ٣٩٩، ٤٠٠) نيل الأوطار (٥/ ٢٠٣).
(٣) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٢٥١٣) ومسلم (١٦٠٣).
(٥) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٦٠٧) والنسائي (٤٦٦١).
(٦) صحيح: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>