للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أبتاع له من السوق ثم أبيعه".

مقصود السائل أنه هل يبيع ما ليس عنده ثم يشتريه من السوق ثم يسلمه للمشترى الذي اشترى له منه. "قال لا تبع ما ليس عندك" أي شيئًا ليس في ملكك حال العقد (١).

• قال الخطابى: قوله: "لا تبع ما ليس عندك" يريد بيع العين دون بيع الصفة ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده الآبق، أو جَمَلُه الشارد، ويدخل في ذلك كل شىء ليس بمضمون عليه مثل أن يشترى سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفًا على إجازة المالك لأنه يبيع ما ليس عنده ولا في ملكه يجيزه وهو غرر لأنه لا يدرى هل يجيزه صاحبه أم لا؟ والله أعلم (٢).

• أما بيع السلم أو السلف فهو بمعنى واحد وسمى السلم سلمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسمى سلفًا لتقديمه قبل أوان استلام المبيع.

• ومعنى بيع السلم أو السلف: هو بيع آجل بعاجل، أو بيع شىء موصوف في الذمة أي أنه يتقدم فيه رأس المال، ويتأخر المثمن لأجل، وبعبارة أخرى: هو أن يسلم عوضًا حاضرًا في عوض موصوف في الذمة إلى أجل.

مثاله: كأن يقول صاحب السلم: اشتريت منك طِنًّا من الأرز صفته كذا إلى أجل كذا بسعر خمسمائة جنيهًا ويعطيه الثمن حالًا.

وقبل المسلم إليه (صاحب الأرز).

وهذا النوع جائز بالكتاب والسنة والإجماع.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (٣).

قال ابن عباس: "أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه" (٤).


(١) تحفة الأحوذى (٤/ ٣٦٠).
(٢) معالم السنن على حاشية سنن أبى داود (٣/ ٧٦٩).
(٣) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٤) حسن: أخرجه الشافعى في مسنده (٥٩٨) والحاكم (٢/ ٢٨٦) والبيهقى (٦/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>