للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١] تارك الصلاة جحودًا (١): من ترك الصلاة جاحدًا لوجوبها، أو جحد وجوبها ولم يترك فعلها في الصورة، فهو كافر مرتدٌّ بإجماع المسلمين.

ويستتيبه الإمام، فإن تاب وإلا قتله بالردَّة، ويترتب عليه جميع أحكام المرتدين، هذا إذا كان قد نشأ بين المسلمين، فأما إن كان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة من المسلمين بحيث يجوز أن يخفى عليه وجوبها، فلا يُكفَّر بمجرد الجحد، بل نعرفه بوجوبها، فإن جحد بعد ذلك كان مرتدًّا.

[٢] تارك الصلاة تكاسلاً وتهاونًا من غير جحدها:

لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا [من غير عذر شرعي] من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة (٢).

ثم اختلف أهل العلم في حكمه على قولين:

الأول: أنه فاسق عاصٍ مرتكب لكبيرة، وليس بكافر: وبه قال الأكثرون، وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي -في المشهور عنه- وأحمد في إحدى الروايتين (٣).

الثاني: أنه كافر خارج عن ملة الإسلام: وهو مذهب سعيد بن جبير والشعبي والنخعي والأوزاعي وابن المبارك وإسحاق وأصح الروايتين عن أحمد، وأحد الوجهين في مذهب الشافعي، وحكاه ابن حزم عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة (٤).


(١) «المجموع» (٣/ ١٦) بتصرف يسير، وانظر المراجع المشار إليها في المسألة الآتية.
(٢) «الصلاة وحكم تاركها» لابن القيم (ص: ٦) والزيادة بين القوسين مني ولا يخفى أهميتها.
(٣) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٣٥)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥٠)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٨٩)، و «مواهب الجليل» (١/ ٤٢٠)، و «مغنى المحتاج» (١/ ٣٢٧)، و «المجموع» (٣/ ١٦ وما بعدها)، وانظر «إعلام الأمة» للشيخ عطاء بن عبد اللطيف حفظه الله.
(٤) «مقدمات ابن رشد» (١/ ٦٤)، «والمقنع» (١/ ٣٠٧)، و «الإنصاف» (١/ ٤٠٢)، و «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٤٨)، و «الصلاة» لابن القيم، و «حكم تارك الصلاة» للشيخ ممدوح جابر حفظه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>