للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماعًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يكبر (وفي رواية: يحتلم) وعن المجنون حتى يعقل» (١).

واختلف العلماء فيمن تغطىَّ عقله بمرض أو إغماء أو دواء مباح، والصحيح أن المغمى عليه ونحوه ممن زال عقله لا يعقل ولا يفهم، فالخطاب عنه مرتفع، وإذا كان غير مخاطب في وقتها، فلا يجب عليه أداؤها في غير وقتها، فإن أفاق وعقل في وقت يدرك فيه -بعد الطهارة- الدخول في الصلاة لزمه أداؤها.

وأما من سكر أو نام عن الصلاة أو نسيها حتى خرج وقتها، فهؤلاء -خاصة- يجب أن يصلوُّا ما فاتهم، للنص:

قال الله تعالى: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (٢). فلم يبح الله تعالى للسكران أن يصلي حتى يعلم ما يقول، فإن أفاق صلاها.

وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا نسي أحكم صلاة أو نام عنها فليصلِّها إذا ذكرها (٣).

بهذا قال المالكية والشافعية [إلا أنهم فرقوا بين السكر المتعدِّي به والسكر بلا تعدٍّ!!] وبه قال ابن حزم (٤) واختار العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- أنه إن زال عقله بفعله واختياره بتناول البنج أو الدواء المخدر فعليه القضاء، وإن كان بغير اختياره فلا قضاء عليه.

٢ - وأما البلوغ: فهو شرط لوجوب الصلاة بلا خلاف، فلا تجب الصلاة على الصبي حتى يبلغ، للأدلة الدالة على رفع قلم التكليف عن الصبي، وقد تقدم الحديث فيه.

تعليم الصبي الصلاة وأمره بها:

الصبي وإن كان لا تجب عليه الصلاة، إلا أنه يجب على وليِّه أن يأمره بها إذا بلغ سبع سنين، ويضربه عليها -تأديبًا له- إذا بلغ عشرًا ليعتادها إذا بلغ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا الصبي بالصلاة ابن سبع سنين، واضربوا عليها ابن عشر» (٥) وهذا


(١) صحيح أخرجه أبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي (٦/ ١٥٦)، وابن ماجه (٢٠٤١) وغيرهم.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨٤).
(٤) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٨٤)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٣١)، و «المحلى» (٢/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، و «الممتع» (٢/ ١٨).
(٥) صحيح لغيره: أخرجه أبو داود (٤٩٤)، و «الترمذي» (٤٠٧) عن سبرة بن معبد وله شاهد عن عبد الله عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>