للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن .. إن استطاع أن يبتدئ صلاته مستقبلاً القبلة ثم يتوجه مع راحلته حيث توجهت فهو أفضل، لما ورد «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتطوع على ناقته استقبل بها القبلة فكبر، ثم صلى حيث وجَّهه ركابه» (١).

مسألة: إذا ركب المسافر السيارة -التي لا يقودها هو- بعد صلاة الظهر، وعلم أنه لا يصل إلا بعد المغرب، فهل له أن يصلي العصر في السيارة؟ أو يصليها مع المغرب؟

الأظهر أنه لابد أن يصلي العصر في وقته -في السيارة- ولو قائدًا ولو إلى غير القبلة، لأن الوقت هو آكد فروض الصلاة -كما تقدم- فيتقدَّم على اشتراط استقبال القبلة والله أعلم.

[٥] النيَّة:

النية: هي العزم على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى، فلا تصح الصلاة بدونها بحال، ولا تسقط النية بحال، لأنها لا تسقط إلا بذهاب العقل، وحينئذ يسقط التكليف لأن العقل مناط التكليف.

وقد انعقد الإجماع على اعتبار النية شرطًا في صحة الصلاة (٢)، والأصل فهيا قول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٣) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (٤).

مما لا خلاف فيه:

١ - أن محل النية القلبُ دون اللسان في جميع العبادات التي منها الصلاة.

٢ - أنه لو تكلَّم بلسانه سهوًا بخلاف ما نوى في قلبه، كان الاعتبار بما نوى بقلبه، وذلك كمن قصد بقلبه الظهر، لكن جرى لسانه بالعصر سهوًا.

٣ - أنه لو تكلم بلسانه ولم تحصل النية في قلبه، لم يجزئه ذلك.

٤ - أن «الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب ولا هو


(١) حسنه الألباني: أخرجه أبو داود (١٢٢٥) وغيره وانظر «صفة صلاة النبي» (ص ٧٥).
(٢) «الدسوقي» (١/ ٢٣٣)، و «مغنى المحتاج» (١/ ١٤٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٦٧)، و «كشاف القناع» (١/ ٣١٣).
(٣) سورة البينة، الآية: ٥.
(٤) صحيح: تقدم مرارًا وهو متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>