للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمرين، أحدهما: أن هذا القول بلاغ من قول الزهري كما في رواية أبي هريرة، وهو منقطع لا يصح (١)، وعلى فرض صحته فهو متوجِّه إلى المراد: ترك اللعن لا ترك الدعاء جملة (٢).

٥ - ما يُروى عن أنس قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا» (٣) وهو منكر لا يصح.

القول الثاني: أن القنوت -في الفجر وغيره- منسوخ وبدعة: وهو مذهب أبي حنيفة (٤) واستُدل له بما يلي:

١ - حديث أبي مالك الأشجعي قال: يا أبه، إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، وعلي بن أبي طالب هاهنا بالكوفة نحوًا من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: «أي بُنَيُّ محُدَث» (٥).

وأُجيب عنه: بأن والد أبي مالك -طارق بن أشيم رضي الله عنه- مقل من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرف بملازمته صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد أن يخفى عليه قنوته صلى الله عليه وسلم، فقد خفيت أشياء على أكابر الصحابة وأكثرهم ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم (٦) وقد أثبت القنوت غير طارق، ومن علم حجة على من لم يعلم. قلت: ثم قد ثبت القنوت عن الخلفاء الأربعة كذلك!!

٢ - ما رُوى عن أم سلمة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر» (٧).

٣ - ما رُوى عن ابن مسعود قال: «لم يقنت النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهرًا، لم يقنت قبله ولا بعده» (٨).


(١) «فتح الباري» (٨/ ٧٥)، و «معرفة السنن والآثار» للبيهقي (٢/ ٧٤).
(٢) انظر: «الأم» (٨/ ٨١٥)، و «ابن خزيمة» (١/ ٣١٦)، و «معالم السنن» (١/ ٢٥٠)، و «المجموع» (٣/ ٥٠٥)، و «طرح التثريب» (٢/ ٢٨٩)، وانظر «إسفار الصبح» (ص: ٥٢).
(٣) منكر: أخرجه أحمد (٣/ ١٦٢)، والدارقطني (٢/ ٣٩)، والبيهقي (٢/ ٢٠١)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ٤٤١).
(٤) «المبسوط» (١/ ١٦٥)، و «فتح القدير» (١/ ٤٣١).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه الترمذي (٤٠٢)، وابن ماجه (١٢٤١)، وأحمد (٣/ ٤٧٢)، وغمز فيه العقيلي في «الضعفاء» (٢/ ١١٩).
(٦) انظر نماذج من هذا في «مفاتيح للفقه في الدين» لشيخنا -حفظه الله- (ص: ٨٢).
(٧) إسناده تالف: أخرجه الدارقطني (٢/ ٣٨).
(٨) إسناده تالف: أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (١/ ٢٤٥)، والبيهقي (٢/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>