للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: مستنده حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلىَّ أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح، فليضطجع على جنيه الأيمن» (١).

وأجيب بأن الحديث متكلم فيه، وعلى فرض صحته، فالأمر فيه مصروف إلى الاستحباب بحديث عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين، فإن كنت مستيقظة حدَّثني وإلا اضطجع» (٢).

وظاهره أنه كان لا يضطجع مع استيقاظها، فكان ذلك قرينة لصرف الأمر إلى الندب، وأجيب بأن تركه صلى الله عليه وسلم لما أمر به أمرًا خاصًّا بالأمة لا يعارض ذلك الأمر الخاص ولا يصرفه عن حقيقته كما تقرر في الأصول، قلت: هذا إذا ثبت الحديث!!

٣ - أنه مكروه: وهو قول جمع من السلف منهم ابن مسعود وابن المسيب والنخعي، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء، وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف عنه أنه عمل في المسجد إذا لو عمل به لتواتر نقله!!

٤ - أنه خلاف الأولى: وهو مروي عن الحسن البصري.

٥ - أنه مستحب لمن يقوم الليل ليستريح: وهو اختيار ابن العربي وشيخ الإسلام ابن تيمية.

٦ - أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته بل للفصل بين السنة والفرض: وهو مروي عن الشافعي، وهو مردود، لأن الفصل يمكن أن يكون بشيء غير الاضطجاع.

قلت: والراجح أن الاضطجاع بعد ركعتي سنة الفجر مستحب بشرطين:

الأول: أن يكون في البيت لا في المسجد لعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والثاني: أن يكون الشخص ممن يستطيع القيام لصلاة الفجر ولا ينام عنها، والله أعلم.

قضاؤهما:

من فاتته ركعتا سنة الفجر -لعذر- فإنه يشرع له قضاؤهما متى زال عذره لما يأتي:

١ - حديث أبي هريرة قال عرَّسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا


(١) أخرجه أبو داود (١٢٦١)، والترمذي (٤٢٠)، وأحمد (٢/ ٤١٥) وغيرهم وقال ابن تيمية هذا باطل وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل، لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٩٢)، ومسلم (١٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>