للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» (١).

والراجح: القول الأول لثبوت فعل النافلة بعد الوتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فدلَّ على الجواز، ولأن نقض الوتر -على الوجه الذي تقدم- ضعيف من وجهين:

١ - أن الوتر الأول مضى على صحته، فلا يتوجه بإبطاله بعد فراغه، ولا ينقلب إلى النفل بتشفيعه.

٢ - أن النفل بواحدة غير معروف في الشرع. والله تعالى أعلم.

عدد ركعات الوتر وصفته:

يجوز الوتر بركعة واحدة، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع.

١ - الوتر بركعة واحدة: وهو جائز عند الجمهور لأنه يحصل بالركعة الوتر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلَّى واحدة فأوترت له ما قد صلى» (٢).

ولحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الوتر ركعة من آخر الليل» (٣).

وعن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة» (٤).

وأما أبو حنيفة فقال: لا يكون الوتر إلا ثلاثًا، لحديث: «المغرب وتر النهار» (٥).

فلما شبِّهت المغرب بوتر صلاة الليل -وكانت ثلاثًا- وجب أن يكون وتر صلاة الليل ثلاثًا!!

قلت: لا يمنع كون صلاة المغرب -وهو ثلاث- وترًا، أن يكون غيرها أيضًا وترًا، ثم إذا كان المغرب وتر النهار، فقد دلَّت الأدلة المتقدمة على أن الركعة الواحدة وتر الليل، وهو واضح.


(١) صحيح: تقدم قريبًا.
(٢) صحيح: تقدم قريبًا.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٧٥٢) وغيره.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٧٣٦)، وأبو داود (١٣٣٥)، والترمذي (٤٤٠)، والنسائي (٣/ ٢٣٤)، وأحمد (٦/ ٣٥).
(٥) صحيح: أخرجه أحمد (٢/ ٣٠، ٤١)، وابن أبي شيبة (٢/ ٨١)، وعبد الرزاق (٤٦٧٥) من حديث ابن عمر مرفوعًا، وأخرجه مالك (٢٧٦) موقوفًا عنه ولا يضر وقفه فمالك يوقف المرفوعات وللحديث شواهد عن عائشة وابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>