للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومما يدل على صحة هذا المذهب ما يأتي (١):

١ - قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة» (٢).

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم: «أعنِّي على نفسك بكثرة السجود» (٣).

٣ - قوله صلى الله عليه وسلم: «إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحطَّ عنك خطئية» (٤).

٤ - أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه هذا العدد لا يصلح أن يكون مخصِّصًا للأدلة السابقة، وذلك لأمور:

(أ) لأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يخصص قوله كما هو مقرر في الأصول.

(ب) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَنْه عن الزيادة على إحدى عشرة ركعة، بل حدَّد لنا أحب القيام إلى الله وهو قيام داود عليه السلام «ثلث الليل».

ولذا قال شيخ الإسلام (٢٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣): «قيام رمضان لم يوقِّت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددًا معينًّا، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات .... ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ ...» اهـ.

(جـ) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهذا العدد من قيام الليل، ولو فُرض أنه أمر به -وهذا لا يقول به أحد- فلا يصلح كذلك أن يخصص عمومات الأدلة المتقدمة، لما تقرر في الأصول من أن العام لا يخصص بأحد أفراده إلا عند التعارض.

٥ - أن من أراد موافقة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يلزمه أن يوافقها عددًا وصفة، كمًّا وكيفًا، وقد قدَّمنا صفة تطويل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل وهو يصلي هذا العدد من الركعات، والناظر في الآيات التي مرَّت في «فضائل القيام» يجد أن المعوَّل فيها على زمن القيام، فإن كان الشخص الذي يريد موافقة السنة لا يطيق هذا التطويل -لا سيما إن كان يصلي بالناس- أفنمنعه من زيادة عدد الركعات


(١) ولشيخنا مصطفى العدوي -رفع الله قدره- رسالة لطيفة في «عدد ركعات قيام الليل» قرر فيها هذه المسألة وقد استفدت منها.
(٢) صحيح: تقدم تخريجه.
(٣) صحيح: تقدم تخريجه.
(٤) صحيح: تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>