للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقلده في دينه في كل ما يأتي ويذر دون غيره، وقد انطوت القرون الفاضلة على عدم القول بلزوم التمذهب بمذهب معين. اهـ (١).

وقال القرافي- رحمه الله-: «وأجمع الصحابة على أن من استفتى أبا بكل وعمر، وقلدهما، فله أن يستفتى آبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما، ويعمل بقولهم بغير نكير» اهـ (٢).

«فلم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلاً منهم يقلده في جميع أقواله فلم يُسقط منها شيئًا، وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها شيئًا.

ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين، ولا تابعي التابعين، فليُكذِّبنا المقلِّدون برجل واحد، سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسانه صلى الله عليه وسلم اهـ (٣).

ورحم الله الإمام مالك إمام دار الهجرة المجمع على علمه وفضله وجلاله، لما أراد المنصور أن يحمل الناس على العمل بما جمع في «الموطأ» لم يقبل ذلك منه، ورده عليه!!

(٧) قضيتان اغترَّ بهما المقلِّدون (٤):

اعلم أن المقلدين، اغتروا بقضيتين ظنوهما صادقتين، وهما بعيدتان من الصدق. وظن صدقهما يدخل أوليًّا في عموم قوله تعالى: {إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} (٥)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث».

أما الأولى منهما فهي ظنهم أن الإمام الذي قلدوه لابد أن يكون قد اطلع على جميع معاني كتاب الله، ولم يفته منها شيء وعلى جميع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفته منها شيء.


(١) «هدية السلطان» (ص ٥٦).
(٢) «أضواء البيان» (٧/ ٤٨٨).
(٣) «أضواء البيان» (٧/ ٥٠٩).
(٤) «أضواء البيان» للشنقيطي (٧/ ٥٣٣ - ٥٣٩).
(٥) سورة يونس، الآية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>